-A +A
ماجد الفهمي
أتذكر أنني وأبناء عمومتي حين كنا ننتظر لقاء البريطاني من أصول يمنية الملاكم نسيم حميد في وقت متأخر من الليل -بالنسبة لقريتي- في إحدى القنوات المشفرة.. وكنا نتشوق للمشاهدة في ظل «تشفير» نراه يقسو على أبسط أمور التسلية لفتيان القرى.

وتستبيح الألعاب الأوليمبية ذاكرتي عندما كنت أسهر الليالي من أجل متابعة جميع ألعابها وأتلذذ بكثير منها، لدرجة أنني في قريتي الجميلة وفي فناء منزلنا كونت عدة ملاعب في ملعب (سلة، طائرة، تنس أرضي، تنس طاولة، ناهيكم عن اليد، والقدم...).


وعندما لم يكن لدينا سوى القناة الأولى والثانية والتي تربيت عليها.. ليس هناك أجمل من فقرة الأخبار حين يأتون بألعاب لا نشاهدها بالعين المجردة كالهوكي والتنس الأرضي، وأتطلع شوقاً لأتعرف على قوانينها.

وما زالت ذاكرتي متخمة بأندية تعلقت بها أوروبياً، حينما كنت أشاهد برنامج (الدوري الأوروبي) الذي كان يأتي كل سبت على شكل مقتطفات لا تشبع نهمي.. حتى عشقت الليفر واليوفي وأبناء الكتلان..

ما زلت أذكر التلفزيون الأحمر ١٤ بوصة الذي كنت أتسمر عنده لمعرفة أخبار المنتخبات، وسحبني سحر مارادونا للون منتخبه السماوي، وأهيم عشقاً في كل ما زُرع في رياض روحي صغيراً حتى أدمنتهم كبيرا..

كل ذاك.. كان من خلف شاشة.. ثم يا.. إلهي.. كل شيء أتانا هنا بين أيدينا، أحلاماً كانت خارج قوسيْ الأماني وأبعد من تفكير هائم بسيط.. وببساطة شديدة.. أحلام تحققت.

حقق وطن الأحلام لي ما لم أتخيل يوماً أن يتحقق.. رأيت أندية ومنتخبات وألعابا عشقتها صغيراً أمامي.. بل إنني أعلق عليها إعلامياً بحكم المهنة.. أعلق أن الرياض عاصمة الضوء.. جلبت العالم هنا وبيننا أصبحنا نراهم ونشجع هنا ونصفق هنا.

هو وطن كان يضحي من أجل جيرته وعروبته وإسلامه ومبادئه عشرات السنين، والآن يضع ما كنا نهوى بين أيدينا لنكون مواكبين ومبهرين ونتعدى حدود التوقع.

هي رؤية ملك ومملكة.. وولي عهد يؤمن بالشباب.. من خلال شخصية تعمل بقوة الهدوء وذكاء للمستقبل القريب والبعيد من خلال الأمير عبدالعزيز بن تركي.. وبأذرع وفية تمثلت في الدكتور رجاء الله السلمي، والأستاذ عادل الزهراني، وبقية طاقم العمل في كل ما يُعنى برياضة وطن.

فاصلة منقوطة؛

أضعف الإيمان أن تقول شكراً لمن قدم عملاً ذات يوم.. أن تقول جزيت خيراً.. فبالشكر تدوم النعم.. وأجمل نعمة نملكها.. هي وطن عظيم.. وشعب جبار عظيم.