-A +A
حمود أبو طالب
كان يوم قبل أمس الإثنين هو الرد العملي الأقوى منذ اندلاع قضية الأستاذ جمال خاشقجي، رحمه الله، وأقول «اندلاع» القضية لأن ما صار بعد الحادثة هو هبوب نيران من اتجاهات كثيرة صوب المملكة بسبب القضية، رغم كل الإجراءات القانونية التي اتخذتها عن طريق أجهزتها العدلية والتنفيذية والتحرك المستمر للدوائر الدبلوماسية في الدولة لتوضيح ما تقوم به المملكة. تم تسييس القضية فوراً من قبل أطراف معروفة مواقفها مسبقاً، وكأنها كانت تترقب مثل هذه الفرصة الذهبية لتنفيذ أجنداتها المبيتة، ولم نشاهد أحقر وأرذل من الدور التركي الذي قاده أردوغان رغم وقوع الجريمة في تركيا، وكذلك اللوبي الذي شكله بعض الديموقراطيين في الكونغرس مع آخرين في الكواليس، وتجنيد مكينة إعلامية كناطق يستعر بضراوة ضد المملكة، ولا ننسى بعض المنظمات الغربية الحقوقية المشبوهة، وراديكاليي أحزاب اليسار، وبالطبع سيئة الذكر قناة الجزيرة ودويلتها التي نبحت حتى جف لعابها.

قضية كبرى كان لها أن تستمر أعواماً في دولة أخرى، لكنها لم تلبث سوى عام هنا، رغم تعقيداتها وتشعب جوانبها. أصدرت النيابة السعودية بيانها يوم الإثنين الذي وضح الأحكام الابتدائية التي صدرت وسوف تأخذ مسارها القانوني إلى محكمة الاستئناف ثم المحكمة العليا، وكذلك ما تم اتخاذه بخصوص من لم تثبت عليهم تهمة، وقريباً سوف يطوى ملف القضية بعد استكمال كل متطلباته.


كانت عاصفة عاتية تعرضت لها المملكة لكنها واجهتها باقتدار، وكشفت لها الكثير من أصحاب الأقنعة والمتحينين لاقتناص الفرص القذرة والمتاجرين بالذمم والمتكسبين من الدماء والمعتاشين على المآسي، ونتوقع أن يطل علينا هؤلاء مرة أخرى في محاولة جديدة لإثارة ضجيج حول الأحكام التي تمت بحضور أبناء المجني عليه ومحاميهم، وممثلي سفارات الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، وممثل لتركيا، بالإضافة لحقوق الإنسان السعودية وممثلي وسائل الإعلام.

كل من تاجروا بالقضية سقطوا، والقضاء السعودي أثبت أنه يعمل باستقلالية ونزاهة، كما أكدت القيادة السياسية حزمها، بالإضافة إلى تفعيل القضاء اتخاذ إجراءات صارمة تكفل عدم حدوث مثل هذه الجريمة أو أي تجاوزات أخرى خارجة عن ضوابط الأنظمة الرسمية المعمول بها.

وتبقى رسالة أخيرة إلى أردوغان بالذات نقول له من خلالها إنك تآمرت بسذاجة ودناءة على دولة قوية محبة للشعب التركي، وظننت أن باستطاعتك التشويش عليها والتأثير على سمعتها، لكن النتيجة أن هذه الدولة تزداد رفعة وارتفاعاً وأنت تهبط بسمعتك وبلدك إلى الحضيض.

habutalib@hotmail.com