-A +A
فؤاد مصطفى عزب
(ريكاردو سيلمر) برازيلي في الخامسة والعشرين، وجد نفسه فجأة مسؤولا عن شركة العائلة والتي كان يديرها والده بمركزية لا حدود لها، استمر ريكاردو على نهج أبيه عاما كاملا حتى سقط من الاعياء في أحد الأيام، وذلك كنتيجة حتمية لضغط العمل قرر ريكاردو على الفور تغيير فلسفة تشغيل الشركة من إدارة الفرد إلى إدارة الجماعة وإشراك العمال في إدارة الشركة والمصنع.. شكل فريقا من الإدارة العليا متفاهما متجانسا وأتاح فرصة توزيع الأرباح على العمال بنسبة 20 %، وجعل القرار للأغلبية والنتيجة أن ارتفعت أرباح الشركة بنسبة ثلاثة آلاف في المئة وتزايدت الإنتاجية لكل عامل من عشرة آلاف دولار الى 95 ألف دولار.. هذا المدير سطر تجربته الجميلة وضمنها كتابا بعث به كفكر مجاني للشركات والمؤسسات.. وجاءت قصة ريكاردو كتأكيد جديد على أهمية الممارسات الإدارية لصاحب المشروع الفرد والتى تنعكس سلبيا وإيجابيا على مستوى المؤسسة العائلية.. لقد أكدت العديد من التجارب على أهمية دور القيادة الجماعية في إنجاح المؤسسات حتى أن بعض البنوك المحلية جعلتها في الآونة الأخيرة شرطا اساسيا لتمويل المشاريع، فكم من المؤسسات كانت تمتلك الكثير من رأس المال والأصول الثابتة ولكن الممارسات الإدارية الخاطئة أضاعت المال وأتعبت الرأس!! وكم من المؤسسات بدات صغيرة في رأس المال ولكنها نجحت وكبرت بفضل ادارتها القوية الفعالة، وكم من ارقام ميزانيات تغيرت وتبدلت مع تغير الادارة والمدير.. لا شك ان الشعار الخاطئ الذي رفعه بعض أصحاب المؤسسات الخاصة وهو «أنا أملك إذن أنا أدير» جعل من صاحب المؤسسة الفرد يتربع على قمة الهرم التنظيمي للمؤسسة، بغض النظر عن خلفيته العلمية والإدارية وامكانيته الذهنية ومستوى الفكر الاداري المتواضع الذي اكتسبه في محاولات وتجارب ذاتية ومكابرة لاختراق المستحيل.. والمستحيل هو الهيمنة الفردية على المؤسسة، قد تكون لها صلة حيوية بحياة الفرد كالمستشفيات والمستوصفات ودور الرعاية المتخصصة المختلفة.. وقد يتناسب هذا الفكر أحيانا، وأشك في ذلك لإدارة بقالة أو كشك في «سوق الخالدية» ولا يتعدى بالتأكيد لمستوى «السوبرماركت»، إلا أن هذا الفكر يصبح جريمة وكارثة ينعكس أثرها على جودة الأداء في المرافق الحيوية الهامة والحساسة كالقطاعات الصحية مثلا، فتحديد الهدف ووضوح المفهوم وإتقان الخطة وديناميكية القرارات وتسلسل النظم والإجراءات وسلامتها تعد أمرا أساسيا لإنقاذ حياة الفرد والسبل والوسائل والإمكانيات تقنيات تطورت بسرعة هائلة في هذا المجال.. والاستمرار في امتطاء البعير في عصر البوينج هو كمن يمشي في الشمس ورأسه من شمع، لقد ساهمت الغرف التجارية الصناعية بالمملكة العربية السعودية مساهمة فعالة في الحد من هذه الكارثة، فشرعت في عقد الندوات والدورات التي تهدف الى تنمية المهارات الإدارية وزيادة الوعي الإداري الإشرافي لدى أصحاب المنشآت الخاصة من غير المتخصصين.. بل وحرصت على تبسيط الفلسفة والمفهوم وذلك لتحقيق الفكرة وبلوغ الهدف.. ومعهد الإدارة هو الآخر شرع الأبواب وأقام الندوات المختلفة في هذا الشأن.. وعزف الكثير من أصحاب المرافق الصحية الخاصة عن حضور هذه الندوات والدورات المحلية وتجاهلوا أهمية هذه الندوات والمؤتمرات العلمية على الرغم من الحاجة الماسة للبعض منهم إلى هذا النوع من الفكر الحديث في إدارة المرافق الصحية، لقد أضحى تكثيف الحملات الإعلامية تجاه أهمية حاجة المالك الفرد المشرف في القطاعات الصحية الخاصة لمثل هذه الندوات هو الحل للكوارث التي نشاهدها كاسرة في المجتمع الصحي الخاص المتواضع، وارتكاب المزيد من الأخطاء والخلاص بالثروات الوطنية والتي شيدت بقروض بلا فوائد لإعمار الوطن وليس لإعمار المؤسسة أو زيادة ثراء الفرد المالك.