-A +A
فؤاد مصطفى عزب
هذه قصة رفيق لي في الأوجاع والمسرات.. ظل رفيقي رغم أسيد الزمان حدثني كطائر خرافي مطعون في حلقة عن زوجته التي عز عليه أن يتركها.. كان يتحدث كالروائيين وكتاب المسلسلات التلفزيونية.. خيال الناس خصب عندما تقع المأساة داخل بيوتهم ويهربون من الواقع الحقيقي المر إلى الخيال المقنع.. يقول لي بصراحة لا أعرف كيف حدث الطلاق كل ما أعرفه أن أسباب الطلاق كانت واضحة بما فيه الكفاية.. لم نعد على وفاق.. لم نستطع أن نستمر ونحن متزوجان.. لم نعد متزوجين في الحقيقة.. لكننا لم نستطع أن نتخذ قرارا لفترة طويلة ونختار بين أن نكون حزينين بعض الوقت أو نظل تعيسين بقية حياتنا أو لنقل إننا اتخذنا القرار لكننا لم نجد الشجاعة لوضعه موضع التنفيذ..
كان بيننا حب واحترام وكان بيننا حزن وجفاء وصمت ولكن الحزن يا أبافراس كما تعلم فوق كل شيء قضية ذاتية.. والمشكلة الحقيقية أنه لم يكن أي منا يضمر ضغينة أو كرها للآخر.. لو كنا كذلك لكان الأمر أكثر سهولة غير أن كلا منا كان يظن الآخر على حق تماما وهذا ما يجعل كل شيء مستحيلا.. عندما طرحت عليها أمر الطلاق في البداية قالت لي لا بد أن تعطيني مخدرا لتحملني بعيدا عنك.. كانت تنفجر بالبكاء عندما نتحدث عن تفاصيل الطلاق.. كان مأزق زوجين لا نظير له نقرر الطلاق ونضع كل العراقيل الممكنة للحيلولة دون وقوعه.. شعرت بكثير من السخط والظلم والندم.. أشك بأنك تستطيع كراهية أحد ما إلا إذا كان إنسانا آخر غير زوجتي السابقة.. كانت تفرض علي احترامها لكنني لم أتحمل الوحدة الباردة في زواجي.. قالت لي مرة أتساءل أين يمكن أن تجد المرأة التي ترضيك ؟ كان يجب أن تظل عازبا حقا!! جميع محبي النساء يجب أن يظلوا دون زواج.. لن يعثروا أبدا على المرأة التي تلبي كل متطلباتهم.. دخل النادل يحمل القهوة ووضع حدا لحديثه غيم وجهه قليلا لكنه سرعان ما تمالك نفسه.. استوقفته بسؤال.. هل يوجد نموذج لامرأة يسهل عليك فراقها وأخرى يصعب عليك تركها.. أجابني لا أعرف كل ما أعرفه أن طلاق زوجتي قذف بي في جحيم الحزن وكثف من شعوري بالذنب.. قلت له كنت في الفتره الأخيرة تحاول أن تجعل من أم سامي نجمة في فيلم أمريكي كغيرك من الرجال الذين يفضلون هذا النموذج عن نموذج الجدة وتلغي قانون الزمن.. رأى نفسه مكشوفا أمامي بكل ألا إنسانيته القاسية.. قال لي حالتنا غير عادية بعض الشيء ولا توجد سوابق كثيرة يمكن الاعتماد عليها.. كنت أحبها ويبدو أنني وقعت في حب غيرها في غفلة منها عني، ثم استمر في سرد تبريرات وأقوال مرسلة عن غياب الحب في المنازل الزوجية.. ثم بادرني قائلا على فكرة أنت مدعو للعشاء غدا في المطعم الصيني.. لا بد أن أعرفك عليها.. ثم أخرج من جيبه غلافا بلاستيكيا فتحه بعناية ثم انتشل صورة فوتغرافية ناولني إياها.. أخذتها بغيظ وأخذت أحدق فيها.. كانت صورة لفتاة باهتة ذات ملامح آسيوية حادة لا يبدو في شكلها شيء لافت على الإطلاق، فتاة لو مرت وسط قطيع غنم وأنت بصدد الزواج منها لأخطأتها واخترت عنزة بدلا عنها.. لاحظ استيائي ولم يعجبه وصفي لها بالعنزة تغيرت قسمات وجهه، قال لي وهو يمضغ الكلام ليس من المفترض أن كل النساء يكونون بجمال أم سامي.. أجبته وابتسامة صفراء على وجهي واحتراق يحتل بدني لم أخطئ في توصيفها بالعنزة، فالعنزة أفضل منها بكثير غير أنه يبدو أن كل ما كان بالأمس ذا قيمة أصبح اليوم رخيصا بما في ذلك اختيار الزوجات ويا أمان الخائفين ..