-A +A
منى المالكي
عندما تستعرض جوالك الذكي جدا والذي استطاع الدخول لتفاصيل حياتنا، تتعجب من كمية التصريح الفج لتفاصيل حياتنا الخاصة، فأنت تعرف إن كان أو كانت صاحبة الحالة في برنامج «الواتس أب» في مزاج جيد أو مكسورة الخاطر أو حتى وضعها النفسي مع زوجها أو مشكلاتها مع خادمتها، ناهيك عن عرض صور غريبة عجيبة تكشف عن أمور خاصة جدا لا يليق بأن تكون مباحة إلى هذا الحد، فاحترامنا لخصوصيتنا الحياتية سمة مهمة لشخصياتنا المتوازنة وعلامة راقية للنضج والوعي.
وتبدأ حكايات الصور التي لا تنتهي وهي تشرك الآخرين معك في جوانب حياتك المختلفة، وكأن من المفروض علينا أن لا نستمتع مع من نحب فقط وفي حضورهم الذي اختطفته تلك الأجهـزة الذكية فبتنا نحن للأسف أسرى لما تفرضه علينا، الحضور والغياب ثنائية باتت حاضرة في حياتنا وبقوة، فالكل حاضرون ولكنهم غائبون تماما ! فالكل مشغول بجهازه فقط وعالمه الافتراضي الذي سرق منه أمتع اللحظات الحاضرة فبات يطارد سرابا هناك على الطرف الآخر، والأدهى والأمر عندما يكون من تتحدث معهم في مجموعات لا تعرفهم ولا تراهم في حياتك فيفرض وجودهم عليك فرضا وأنت لا تستطيـع الرفض حتى لاتتهم بالتخلف!.

أعلم جيدا أن كل واحد منا لديه قصة معاناة مع الحضور الغائب لمن يحب، ولكن لماذا نقف مكتوفي الأيدي لماذا لا نرمي بتلك الأجهـزة ليوم واحد فقط ونخلص لمن حولنا من أب، أم، زوج، زوجة، إخوة، أخوات، ولنرى هل سيتغير وجه الحياة أم لا ؟!..