-A +A
علي حسن التواتي
أود في البداية تذكير أهالي محافظة طريف خاصة وسكان الحدود الشمالية عامة إلى حقيقة أن توطين (مدينة وعد الشمال للصناعات التعدينية) في (أم وعال) يعتبر فرصة ثانية للتنمية قلما يجود الزمن بمثلها. ولئن أسهمت الفرصة الأولى التي ارتكزت على استضافة طريف وبعض المدن الأخرى، لمحطات (التابلاين) في تأسيس القواعد الحضرية للعمل والاستقرار، فإن الفرصة الثانية لا بد أن تستغل في توطين التنمية المستدامة التي عجزت الفرصة الأولى عن تحقيقها.
فلا يكفي أن نركن إلى مشاريع تنموية تقوم على عبور مؤقت للموارد أو على موارد طبيعية قابلة للنفاد. ولم يعد خافيا أن الاستغناء عن خط (التابلاين) أوقف التنمية الذاتية في مدن الشمال وحمل الحكومة أعباء كبيرة للحفاظ على ما تحقق من مكتسبات تنموية في المنطقة.
ولكن اكتشاف الفوسفات والغاز ومعادن أخرى وتوطين صناعاتها في طريف منح المنطقة فرصة تنموية جديدة قابلة للاستدامة بمواردها الذاتية لا بموارد عابرة.
وعلى أهالي المنطقة هذه المرة ألا يركنوا لهذه الفرصة الجديدة بذاتها لأنها ترتكز أيضا على استغلال موارد طبيعية قابلة للنفاد والاستثمار فيها محكوم بحجم الاحتياطيات المتوفرة والمدة الزمنية اللازمة لاستخراجها.
ولذلك عليهم أن يستفيدوا من توطين المدينة في منطقتهم في تعظيم الفوائد المادية والمعنوية التي تعود عليهم بشكل مباشر أو غير مباشر. فلا يكفي أن يبحثوا عن وظائف في المدينة الاقتصادية وأن ينتظروا نفحاتها، بل عليهم المسارعة للاتفاق مع جهات الاختصاص على إنشاء (شركة طريف للإمداد والتموين).
فالاستثمارات المبدئية المباشرة في مدينة الوعد بشقيها التابع لأرامكو والتابع لمعادن تخطت 36 مليار ريال وتحتاج لإسناد مباشر وغير مباشر هائل في مختلف حقول الإمداد (إمدادات المشتريات، وإمدادات التوزيع، وإمدادات ما بعد البيع، وإمدادات المواد والتخلص من المواد، والإمدادات العكسية، والإمدادات الخضراء، والإمدادات الدولية، والإمدادات المحلية، وإمدادات الخدمات الفندقية والضيافة، وإمدادات إدارة الموجودات، وإمدادات الاعتمادية والوفرة والمحافظة، وإمدادات الإنتاج، وإمدادات الطوارئ ..).
وكما قال أحد خبراء الإمداد العالميين «لست بحاجة لشراء الليمون، لتتبين فيما بعد أن عليك العودة لنفس المتجر لشراء السكر لتصنع عصيرا، فإمداداتك ترتبط بـ(سلسلتك التموينية)، وعليك التفكير بالسلسلة التموينية كسلسلة تحتوي على كافة الاحتياجات النهائية، في حين أن الإمدادات تشمل مختلف الوظائف التي تربط المصادر بالزبائن فالتموين هو بمثابة العروق والإمداد بمثابة الدم الذي يجري في العروق. ولذلك إذا لم تنسب الإمدادات أو جزء منها سواء في المواصلات أو التوزيع أو الاتصالات فإن الضرر يلحق بكامل السلسلة أو السلاسل التموينية.
ويمكن للشركة بالتفاهم مع وزارة المالية وأرامكو والطيران المدني الاستفادة من مرافقهم المهملة التي تعشش فيها الغربان شرق المدينة وتعيق تمددها مثل جمرك طريف الجديد المغلق والجمرك القديم وأرض (التابلاين) والمطار القديم.
ويمكن لهذه الشركة أن تكون مساهمة عامة تتوزع ملكيتها كالتالي: 40 % لصناديق الدولة والمستثمرين، 30 % حقوق أولوية لرجال الأعمال في الشمال (حائل والحدود الشمالية والجوف وتبوك) و 30 % لأهالي هذه المناطق الذين يعيشون فيها لعشر سنوات متتالية.
ويجب ألا يقتصر عمل الشركة على إمدادات مدينة الوعد بل يمتد ليشمل تجار الجملة والقطاعات العسكرية في المنطقة والشركات التي تنفذ مشاريع بخلاف مدينة الوعد، ولا أبالغ ان قلت إن العين يجب ألا تغفل عن الاسناد والتموين في الدول المجاورة كالأردن والعراق وسوريا.
أما الجانب التعليمي والتدريبي والإحصائي فيمكن أن يتم من خلال قيام الشركة المقترحة بإنشاء كلية إدارة أعمال تقدم برامجها بالإنجليزية وتركز على (الإمداد والتموين والتمويل) كأهم تخصصات فيها. فالتمويل أيضا مهم لاستكمال وظائف الإمداد والتموين. ويمكن لهذه الكلية أن تقدم برامج تدريب قصيرة إلى جانب برامجها الرئيسية لسد الحاجة في مجالات تخصصها.
وفي الختام علينا التذكير بضرورة الاستفادة من مجلس محافظة طريف ومجلس المنطقة وأبناء المنطقة في الشورى بتشكيل مجموعة اتصال بالجهات الرسمية لاستكمال مفردات المشروع حسب قرار مجلس الوزراء الخاص بإنشاء مدينة الوعد، والحصول على ضمانات رسمية بترسية كافة مشاريع الإمداد ضمن سلاسل المدينة التموينية على الشركة المقترحة، وضمان تخصيص منح من وزارة التعليم للطلاب في كليتها، وذلك لتعزيز فرص ربحية الشركة من جانب وتجنب العشوائية في إمداد مدينة الوعد وشركاتها ومصانعها من جانب اخر.
وبهذا أتوقع أن يتمكن أهالي الشمال من إرساء دعائم تنمية مستدامة يمكن أن تولد دخلا محليا مباشرا وغير مباشر يفوق بكثير تأثيرات جوار مدينة الوعد الاقتصادية، ويمكن لهذه التنمية الاستدامة أجيالا وتوليد قوى دفع ذاتي بالتتابع حتى في مرحلة ما بعد مدينة الوعد واستنفاد الموارد الطبيعية التي تبرر وجودها ..
altawati@gmail.com


للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 738303 زين تبدأ بالرمز 130 مسافة ثم الرسالة