-A +A
رشيد بن حويل البيضاني
ثمة ثوابت في السياسة السعودية على المستويين: الداخلي والخارجي، منذ تأسيس المملكة على يدي المغفور له ــ بإذنه تعالى ــ الملك عبدالعزيز آل سعود، فلم تتغير على مدى هذه العقود، بحيث باتت علامة مميزة، وسمة بارزة لبلادنا. أما هذه الثوابت على المستوى المحلى، فأذكر منها ــ على سبيل المثال لا الحصر ــ انطلاق الحكم واعتماده على مبادئ الإسلام الحنيف من منابعه الصافية المستمدة من الكتاب والسنة ونهج السلف الصالح، وسلوك منهج الاعتدال في الفكر، وفى النهج والسلوك، ثم النظر بعين الاعتبار إلى المواطن السعودي، باعتباره المحور الذي قامت وتقوم عليه الدولة، وذلك من خلال مساواة في الحقوق والواجبات، ورعاية كاملة وتامة لمصالحه، وهو ما تطلب على مدى هذه العقود من السعي الدؤوب لنهضة البلاد وتقدمها، الأمر الذي يلمسه الجميع على أرض الواقع في حياتنا المعاصرة. أما على المستوى القومي والدولي، فإن ثوابت المملكة الراسخة قد بدت واضحة وجلية في مواقف حكوماتنا الرشيدة تجاه قضايا الخليج والأمة العربية والإسلامية والمجتمع الدولي، فلم تتأخر المملكة يوما عن القيام بدورها الداعم لقضايا الحق والعدل من أجل إقرار السلام في المنطقة والعالم بأسره، وتحقيق الرفاهية لشعوب المنطقة والعالم، ولعل أبسط مثال يعكس هذا الدور السياسة البترولية، ومواقفها من القضايا العربية، وبخاصة قضية الأمة الإسلامية الأولى، قضية فلسطين.ليس هذا كله من نافلة القول، وإنما هو تذكرة لأولى الألباب، وفى نفس الوقت دليل على ثبات واستقرار دعائم الحكم في البلاد، مهما تغير الأشخاص، فلا دوام لإنسان على وجه الأرض، وملوكنا وقادتنا بالطبع غير مخلدين، ولكن لكل منهم شخصيته المميزة، وبصماته على البلاد، ومن ثم فمن الطبيعي أن نشهد تغييرا في المواقع، وتعديلا في الهيئات والمؤسسات، وظهور شخصيات محل أخرى أدت دورها مشكورة، وأسهمت في نهضة الوطن وازدهاره، ولا يعنى أبدا إحلال شخصية محل أخرى وجود عيب فيمن كان على رأس تلك الهيئة أو المؤسسة أو الأمارة، وإنما يعنى ضخ دماء جديدة، وبعث روح وثابة، وتجديد الفكر، وتنشيط العمل والسلوك، لهذا، لم نفاجأ بعودة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل إلى إمارة مكة المكرمة في ظل حكم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، فقد تولى سموه من قبل إمارة هذه البلدة المقدسة، وترك آثاره الطيبة في كل مناحي الحياة فيها، بخلقه الكريم، وثقافته الواسعة، ونشاطه الدؤوب، ثم ترك الحلبة، ولعلها كانت «استراحة محارب»، عاد بعدها الفارس، ليواصل جهاده وليكمل مسيرته النشطة، دون إغماط حق من سبقه، ولكنها طبيعة المرحلة، ورؤية القائد التي لا شك أنها أوسع وأشمل من رؤى الأفراد. نهنئ أنفسنا، ونهنئ أهل مكة المكرمة وزوارها، بعودة الفارس، وأدعو الجميع إلى مؤازرته والوقوف خلفه، من أجل أن تكون مكة المكرمة، قبلة المسلمين ومزارهم، بلدة نموذجية مثالية، بل ومدينة فاضلة، ببيتها الحرام، وأهلها الكرام. وفقك الله، يا صاحب السمو، وأعانك على هذه المسؤولية، وسدد حطاك، ونفع بك مكة وأهلها وزوارها.