-A +A
رشيد بن حويل البيضاني
كيف يمكن لنا أن نفسر سلوكيات دولة عظمى قد استخدمت حق النقض الفيتو، أي الرفض لإجهاض أي قرار عرض على مجلس الأمن يتعلق بطفلتها المدللة إسرائيل، والذي من المفترض أن تؤدي دورها الأخلاقي في رعاية «الدول الصغرى»، وان تكون حكما عدلا بين المتنازعين من دول العالم، أقول كيف نفسر هذه السلوكيات التي حالت، على مدى عقود، دون عودة ملايين اللاجئين المشردين إلى ديارهم ؟ وأدت إلى مقتل مئات الآلاف من الأبرياء، شيوخا وأطفالا ونساء من الشعب الفلسطيني، وأسهمت في اغتيال المئات أو الآلاف من أناس يدافعون عن أعراضهم وممتلكاتهم، بمن فيهم المقعدون والنساء ! كما شجعت دولة محتلة على التوسع في الاحتلال، فهدمت المنازل، ودمرت المساجد، وبنت الجدران العازلة، وأحرقت الشجر، بل والبشر، بل وسعت بكل قوتها لمنع مجرد الإدانة الدولية لهذه الدولة، عن طريق ما يسمى بحق النقض/ الرفض/ الفيتو ضد أي قرار أممي، مع انه من المفترض أن تكون هذه المنظمة الدولية حكما عدلا بين الخصوم، وراعية للسلام العالمي، ومنصفة لكل مظلوم، وداعمة لكل صاحب حق !!
من حق الفلسطينيين، وغير الفلسطينيين، أن يحلموا بدولة مستقلة لهم، وان يتحرروا من المحتل، وان ينعموا بالاستقرار، هكذا وجدنا أمريكا والعالم الغربي يقف إلى جانب شعب جنوب السودان حتى أقاموا دولتهم المستقلة. اتخذ الفلسطينيون كل الوسائل الشرعية لتحقيق حلمهم، قاوموا وحاربوا، فزعمت أمريكا ومن تبعها أن مقاومة المحتل إرهاب، واقنعوا العالم بذلك، ثم ذهب الفلسطينيون إلى «راعية العدالة» الأمم المتحدة، مطالبين بحقوق مشروعة: إنهاء الاحتلال، وضع حد للظلم والطغيان، فما كان من الولايات المتحدة إلا أن مارست دورها المساند والداعم بلا حدود لإسرائيل، ورفضت بما تملك من «فيتو» إنهاء الاحتلال الإسرائيلي. هل يمكن لنا أن نصدق ذلك ؟! أمريكا ترفض إنهاء احتلال دولة معتدية، لشعب محتل !

ماذا لو فكر العرب أن يستخدموا هذا «الفيتو» اللعين، ضد أمريكا وغيرها من الدول الراعية للاحتلال والعدوان ؟!
نعم، ليس لنا «فيتو» في الأمم المتحدة، لكننا نملك أكثر من «فيتو» في مجالات أخرى عديدة، لكن المشكلة أننا نملك حقوقا كثيرة، لكننا لا نعرف كيفية استغلالها، أو ربما لا نجرؤ على استخدامها، لأننا نعمل فرادى، كل دولة تنظر إلى مصالحها وحسب، لا تفكر في الصالح القومي، ولا حتى الإسلامي، مع أن كل دولة من دول العالم الإسلامي والعربي تزعم أنها مستقلة في قراراتها، وأنها تساند الحق الفلسطيني، وأنها تدافع عن المقدسات.
أتمنى قبل أن ينقضي العمر، أن أجد العرب الأشاوس، وقد استخدموا حق «الفيتو»، ولو مرة واحدة.