-A +A
رشيد بن حويل البيضاني
لم يكن تنظيم القاعدة الارهابي هو أول تنظيم يظهر في تاريخنا يتبنى هذه الأفكار الخارجة عما عهدناه من فكر اسلامي قويم، فتاريخنا شهد حركات منحرفة، سوغت لنفسها احتكار فهم الدين، وأولت الآيات القرآنية الكريمة، والأحاديث النبوية الشريفة، بما يتفق وأهواؤها. ولن نخوض هنا في حركات الماضي، فمعظم شبابنا لا يعنيه ذلك، وإنما الأمر المؤكد ان شبابنا قد سمعوا بالقاعدة، وما تلاها من حركات مثل مقعش (داعش)، وجبهة النصرة، وأنصار الشريعة، ثم أخيرا ما يسمى بخراسان، التي يتزعمها احد المقربين من زعيم القاعدة أسامة بن لادن، وهو المدعو محسن الفضلي، حيث اعتبرته أوروبا وأمريكا وحركته من اخطر التهديدات التي تواجهها وتواجه مصالحها على المستويين الداخلي والخارجي.
فلم تكن القاعدة إذن أولى هذه الحركات المنحرفة فكريا، والإرهابية عمليا، ولن تكون خراسان كذلك هي آخر تلك الحركات، ما لم تعالج الأسباب المؤدية إلى ظهورها. ان ما نشاهده الآن هو تعامل مع نتائج وأعراض هذه الحركات على الساحة، لكنه يتغاضى تماما عن أسبابها.

هذه الحركات، تم استغلالها من قبل الغرب الذى كان سببا فى إنشائها كي يحقق أغراضه فى إشاعة الفوضى في دول المنطقة، حتى ينتهي الأمر الى تقسيم دول كالعراق وسوريا وغيرها، ومن ثم كان المد العسكري عبر الحلفاء والعملاء فى المنطقة لكل هذه الحركات، أسلحة غربية ومعدات عسكرية جديدة تماما وجدناها في أيدي أتباع هذه الحركات، لم تصل إليهم إلا بمعرفة الغرب ومساعدته، فلا يمكن لنا ان نتخيل أن أقمار هذه الدول الغربية الراعية للإرهاب، لم تصور كيفية وصول هذه الأسلحة إلى هؤلاء الإرهابيين.
نتائج هذه الأعمال الإجرامية لتلك الحركات، على المدى القريب والمدى البعيد، تحقق مصالح الغرب فقط. فعلى المدى القريب تلقي الرعب في قلوب دول الجوار التي تسارع بالارتماء في أحضان الأمريكان والأوروبيين هلعا وخوفا من المد الارهابي، ناهيك عن التسابق إلى عقد الصفقات العسكرية التي تنعش اقتصاد الغرب الراكد، كما تشغل العالم كله عن عربدة إسرائيل في المنطقة، وأحداث غزة ليست عنا ببعيدة. إما على المدى البعيد، فإن دولا كالعراق وسوريا، ستظل في حاجة إلى إعادة الحياة لمدنها المدمرة، وجيوشها المتحطمة، ولمرافقها المخربة، لعدة عقود قادمة، وللغرب النصيب الأكبر في إعادة هذه الحياة، لما أنهكته الحروب مع هذه الحركات الإرهابية.
وللإنصاف نقول: إننا نتحمل المسؤولية الكبرى كعرب ومسلمين في كل ما يحدث على الساحة، بدءا من ظهور هذه الحركات، وحتى ما نعانيه الآن.
إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فهل آن الأوان للتغيير؟!