-A +A
رشيد بن حويل البيضاني
قد يتسرع البعض في فهم عنوان مقالي هذا فيظن أني أقصد الحديث عما تسببه الزوجات من اكتئاب للأزواج. نعم، بعضهن قد يكون سببا في ذلك، لكن الحقيقة أن للزوجات دورا مهما في علاج اكتئاب أزواجهن.
وإذا كان الاكتئاب مرضا نفسيا يصيب النساء بنسبة كبيرة، فإنه فيما يتعلق بالرجال يكون أكثر صعوبة، حيث يرفض الرجال الاعتراف به، أو اللجوء إلى العلاج عند الأطباء النفسيين المتخصصين، فقد يرون في ذلك مساسا بكبريائهم ورجولتهم، مع أن العلاج النفسي أمر ضروري. تماما كالعلاج المعتاد من سائر الأمراض، فكما يمرض البدن ويعالج، تمرض النفس، وتعالج أيضا.

وعندما يمر الإنسان بمرحلة الاكتئاب، يكون بحاجة إلى (الآخر ) ليأخذ بيده، ويقوده إلى التعافي، ومن هنا تكون الزوجة هي أقرب «منقذ» للزوج المكتئب، مهما حاول الأزواج إخفاء حالتهم عن زوجاتهم خشية الافتراق، وهذا بدوره يشكل عبئا إضافيا على الزوجات، إذ عليهن أن يقمن بدور المراقبة لسلوكيات الأزواج وتصرفاتهم، حتى إذا لمس تغيرا يوحى بهذا المرصد، كان عليهن أن يسارعن بالعمل الجاد من أجل العلاج الناجح.
ومن أهم أعراض هذه الحالة المرضية وفق ما اطلعت عليه في دراسة نشرتها إحدى المجلات المتخصصة: عدم شعور الزوج بالراحة والسعادة، وبخاصة في أوقات معينة من اليوم، وإحساسه بالذنب تجاه قضايا لا علاقة له بها، بالإضافة إلى حالة التشاؤم المستمر التي تسيطر عليه، ناهيك عن إحساسه بالأرق، أو النوم أكثر من المعتاد، وعدم اعتنائه بنفسه ومظهره، وسيطرة القلق على تصرفاته، وعجزه عن الكلام في بعض القضايا، والخلود إلى الهدوء على غير المعتاد، والإحساس بآلام في جسده دون معرفة سببها.
لقد تعدت الإشارة بإيجاز إلى أعراض اكتئاب الأزواج، حتى تنتبه الزوجات إلى تصرفات أزواجهن، فإن وجدن منها شيئا، فعليهن البدء في العلاج، أولى خطواته أن تسعى الزوجة إلى أن تجعل زوجها يعبر عما بداخله من استياء أو إحباط بطريقة سليمة، كي لا يواصل كبت مشاعره، وعليها أن تبين له الجوانب الإيجابية في حياتهما الزوجية، والعمل على تحسين مزاجه ورفع معنوياته، ومن السبل المؤدية إلى ذلك: قراءة القرآن أو الاستماع إليه، فإنه يخفف كثيرا من حدة الاكتئاب، وعلى الزوجة أن تترك لزوجها مطلق الحرية في الاختلاط بالآخرين، واختيار الأصدقاء والرفاق، وحبذا لو تمكنت الزوجة من إقناع زوجها بممارسة الرياضة، وأقل صورها المشي، وعلى الزوجة أن تبدي لزوجها اهتماما واضحا به، من خلال الاستماع جيدا إلى ما يقول، ومن المؤكد أن الحرص على الترابط الأسري يسهم بشكل فعال في علاج المكتئب.
ولعل أبرز هذه النصائح التي نشرتها هذه المجلة، هي أن لا تبتعد الزوجة ــ وليت كل زوجة تنتبه إلى هذه الخطوة ــ عن عدم تكليف زوجها أكثر من طاقته وإمكاناته، مع الابتعاد عن المقارنة بالآخرين، فإن مثل هذه المقارنات تؤدي إلى تدمير العلاقة الأسرية.
وعلى هذا النحو، ومع أن بعض الزوجات ــ أقول بعض ــ قد يسببن الاكتئاب لأزواجهن، إلا أنهن ــ على نحو ما أسلفنا ــ بإمكانهن توفير سبل العلاج، وما أظن زوجة صالحة وفية مخلصة يمكن أن تتأخر في العمل بهذه النصائح، التي أثبتت الدراسات العلمية أنها تلعب دورا حيويا في علاج الاكتئاب الذي قد يصيب أزواجهن..
فاللهم أكفنا شر الاكتئاب، وارزقنا زوجات صالحات يقدرن ما نمر به نحن ــ معشر الرجال ــ من ظروف، وما نتعرض له من ضغوط، في ظل متطلبات الحياة التي تفوق قدرات «السوبرمان».