-A +A
رشيد بن حويل البيضاني
اندهشت عندما علمت أن كثيرا من الحجاج يؤدون فريضة الحج حتى يضيفوا لقب (حاج) إلى أسمائهم في هوياتهم أو جوازات سفرهم، إذ يبدو أن إضافة هذا اللقب الكريم تحقق لهم مكاسب مادية أو معنوية في بلادهم، أو على الأقل تضع هؤلاء الحجاج في مكانة عليا في السلم الاجتماعي.
وزاد من دهشتي أن عددا من الحجاج يأتي إلى الحج، كي يعلم الناس في بلده أنه حاج ومن ثم يكتسب من اللقب الكريم (تقوى) و(ورعا) لا يتمتع بهما أصلا، ومن ثم يحقق من خلال اللقب مكاسب مادية ودنيوية، وبخاصة في مجال العلاقات التجارية مع الآخرين.

نعم، الأعمال بالنيات، والله تعالى وحده أعلم بنوايا هؤلاء جميعا، لكن صدمة ما علمت عن هؤلاء وهؤلاء، فهذا رياء واضح لا شك فيه.
فالسمعة، أو تحقيق المكاسب هنا، هي بمثابة إشراك لغير الله تعالى في أداء لتلك الفريضة. نعم قد يحقق حاج ما أراد، لكنه بالطبع خسر كثيرا. فحال ومصير المرائين، وحال ومصير أولئك الناس الذين يحققون العبادات والطاعات للوصول إلى مكاسب دنيوية. لن يكون مصيرا سعيدا في الآخرة.
فاستغلال العبادات ــ التي هي خاصة بالله وحده ــ من أجل أن يرسم المرء لنفسه صورة حسنة بين الناس، قصة ليس بجديدة، فقد روى ابن عباس أنه قال: يا رسول الله إني أقف الموقف أريد وجه الله، وأريد أن يرى موطني. فلم يرد عليه رسول الله حتى نزلت: (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا).
ومقالي في هذا المقام ليس موجها بالدرجة الأولى إلى ضيوف الرحمن ممن ذكرتهم، فهم في الغالب لا يعرفون العربية، ولا حتى للعرب منهم، فهؤلاء ــ أيضا ــ ربما لن يطلعوا على مقالي هذا، لكن كلماتي هنا لي ولك أخي الكريم، فهي دعوة لتصحيح مسار عباداتنا وسائر أعمالنا، كي تكون خالصة لله وحده، فلا نعمل انتظارا لرضى أحد غير الله، أو ابتغاء لأجر دنيوي زائل، وإنما علينا إحسان العمل وإصلاحه وصلاحه، ابتغاء مرضاة الله تعالى وحده.
وكل عام وأنتم بخير.