-A +A
تركي الدخيل
أظن أن أكثر مصدر يطلع عليه الناس هو تطبيق «الواتس آب»، هذا البرنامج الكاسح الذي أكل أوقات الناس وعقولهم. ولأنه مثل أي تطبيق له سيئاته وحسناته فإن المجال الذي يستخدم فيه اجتماعيا ليس جيدا على الإطلاق. هو برنامج عملي يمكن أن يستخدم للحوار الراقي، أو لتسريع وصول المعلومة المهمة، لكنه في كثير من وجوه استعمالاته بات لنشر الشائعات وتسريع وصولها إلى أكبر عدد ممكن. والأخطر ذلك الذي يستحلفك بالله أن تمرر هذه الرسالة لعشرة من أصدقائك وهكذا يسهل اختراق الأمن الاجتماعي أحيانا عبر مثل هذه الوسائل.
في النكتة الاجتماعية يقولون: «في السابق من يغضب لا يزورك، والآن من يغضب يحذف نفسه من المجموعة»! هذه النكات تبين المستوى الذي وصل إليه هذا التطبيق ليكون جزءا من يومياتنا على مدار اليوم من الصباح إلى الليل، وربما كان موضع تفقد في الصلاة حتى أو في الطواف والسعي أثناء العمرة.

من طرائف الأخبار ما قضت به المحكمة الجزائية في جدة بالسجن 10 أيام على سيدتين لإدانتهما بتبادل السباب والشتائم عبر رسائل الجوال، و«الواتس آب»، وجلد كل واحدة منهما 20 جلدة وهي قاعدة وعليها ثيابها وخمارها. أصل القصة أن مواطنة تقدمت بدعوى ضد ابنة خالتها تتهمها بإرسال رسائل نصية ورسائل «واتس آب» تتضمن سبا وشتما وتشويه سمعة واستخدام ألفاظ نابية، فيما اطلعت المحكمة على 20 رسالة متبادلة بين السيدتين تتضمن إساءات.
الأظرف أن السيدتين اعترضتا على الحكم وطلبتا استئنافه، وتقديم لائحة اعتراضية أمام محكمة الاستئناف خلال 30 يوما، تنتهي عقب إجازة عيد الفطر المبارك، وفي حالة عدم تقديمهما للائحة في المدة النظامية يسقط حقهما في الاستئناف ويصبح الحكم نافذا.
معنى ذلك أن هذا التطبيق بات وسيلة للتنابز، وحل محل جلسات «الضحى» التي اشتهرت بتدوير النمائم والشتائم في القرى والمدن قديما، وبرغم تجدد التقنيات غير أن الأمراض لا تزول، بل تعيد التقنية تدويرها وبعثها وإحياءها. بالله عليكم هل نحن راضون عن استخدامنا للـ«واتس آب»؟!