-A +A
منى المالكي
من عجائب الصدف أن ينتشر فيروس كورونا والتوصية بحصة رياضة في مدارس البنات في أسبوع واحد! هذان الموضوعان أتيا متزامنين لخلق حالة من المقارنة بينهما، وإن كان الكثير لا يرى تقاطعا بينهما، مع أن الواقع يقول غير ذلك!
فكم كنا نحتاج إلى تلك الحناجر الملتهبة في التحذير من خطر إقرار حصة الرياضة في مدارس البنات للتوعية من فيروس كورونا، وكيف تحولت المرأة في نظر البعض إلى وباء يجب التحذير منه! تلك التحذيرات والأصوات والنبوءات بالثبور وعظائم الأمور عند صدور أي قرار للمرأة أتمنى أن يستفاد من خدماتها الجليلة في التوعية المجتمعية ضد الفساد بأنواعه وأشكاله، وعدم وضع المرأة وحيدة فقط في قفص الفساد! الكارثة الحقيقية عند هؤلاء أنهم لم يستوعبوا أو يفهموا التحول الكبير الذي يعيشه مجتمعنا، وأن الثبات نقيض لطبيعة المجتمعات الإنسانية، فالتحول هو الثبات الوحيد في الكون والحياة.

انفتاح المجتمع خلق حالة من التجدد والتطور في طريقة التفكير والحياة وممارسة الشؤون الخاصة، فمن كان يرى خطر ممارسة الفتيات للرياضة في المدارس قبل خمس سنين، اكتشف الآن أن عدم ممارسة الرياضة هو الخطر الحقيقي، هذا التغير في النظرة للأمور هو الحالة الصحية الجيدة للتعاطي مع الحياة، أما الجمود والانغلاق في النظرة تجاه الأشياء فهو ما يوصلنا إلى حالة من الكبت تغري الجميع باستغلالنا، ويؤدي إلى ما هو أخطر من ذلك هو بعد شبابنا عن قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا، باعتبارها جامدة ومتجبرة ولا تواكب تفكيرهم وطريقة حياتهم، يتعاظم هذا الأمر لدى الفتاة عندما تجد أن كل شيء محرم عليها، وكلمة حرام هي الحاضرة دائما في تعاطيها مع الحياة، فتبدأ في الابتعاد عن الالتزام، ولسان حالها يقول إذا كان الالتزام يحرم كل شيء فأنا سأعيش بدونه ــ كما تفضلت بذلك الدكتورة سهيلة زين العابدين في أحد لقاءاتها! هذا هو واقع فتياتنا اللاتي يعشن حالة من الانفتاح العالمي على القرية الكونية، لا بد من احتوائهن وتعريفهن بأن ديننا هو من أنصف المرأة وأعطاها حقوقها كاملة، ولكن المشكلة في بعض العقول التي لا ترى في المرأة غير جسد يتلبسه الشيطان دائما وأبدا!
نجاح المرأة السعودية لا يمكن أن يقاس بنجاح أي امرأة أخرى؛ لأن المرأة السعودية لا تملك بيئة سهلة أو مساعدة للنجاح، فهي تنجح لأنها مدفوعة بعوامل كثيرة لإثبات وجودها، أهمها إثبات أنها امرأة صالحة لأن تكون إنسانة لها حق الحياة.