-A +A
منى المالكي
هذا هو عدد الباحثات المشاركات في ملتقى «القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا في الأدب السعودي»، والذي أقامه كرسي الأدب السعودي في جامعة الملك سعود، ليس غريبا هذه المشاركة النسائية في الملتقيات النقدية، ولكن أن يتفوق العدد النسائي ــ إن صحت التسمية ــ على عدد الرجال المشاركين، هنا تكمن المفارقة الجميلة لصالح النساء!
في كل محفل ثقافي أو اجتماعي أو اقتصادي تبرز المرأة بعملها المبهر واثقة من قدرتها على العطاء، كيف لا، وفي أحشائها تنمو بذرة الحياة الأولى التي تعيش معها وبها مدى الحياة، من هنا كانت قدرة المرأة الفطرية على البذل رغم كل الظروف والعقبات والمصاعب، فمن خلال شهادات القاصات السعوديات المشاركات في الملتقى ظهرت ملامح الطريق الملغوم نحو الكتابة صعبا ووعرا عليهن، فالكتابة تابو ومحظور محرم على المرأة، ومع ذلك مشت تلك المبدعة على طريق الأشواك متزودة بالصبر والصبر فقط.

في تلك الشهادات الجميلة من الكتاب والكاتبات ظهر أن الإبداع هو تجربة إنسانية واحدة مشتركة، فالفقد والحنين والجوع وقود العملية الإبداعية لا تفرق بين امرأة ورجل، ما يصنع الفرق ويضع الحواجز ويزرع الريبة والشك بين البشر هم البشر، سارتر يصف هذه الحقيقة بجملة خالدة حين يقول «الآخرون هم الجحيم»، فعندما تستمع لشهادة مبدع أو مبدعة وتتجول خلال تلك القصص المليئة بالألم والأمل، تجدهم وكأنهم صهروا في أفران من اللهب أخرجت سبائك من ذهب، هؤلاء هم المبدعون والمبدعات لم ترحمهم تلك الظروف الصعبة ولم تفرق بين رجل أو امرأة، ولكن هل فهمنا نحن ذلك؟!
في تلك الأوراق البحثية ظهرت المقدرة العلمية متناظرة بين الجنسين، وأثبتت المرأة وعيا هائلا نحو الكون والحياة فلسفة وأدبا ونقدا، وكان لها الرأي كاملا كما لزميلها الرجل، وإن كانت هذه من بدهيات الحياة، ولكن هناك من يصر أن يرجعنا إلى المربع الأول تحت اسم عادات وتقاليد المجتمع منها بريء، فالمجتمع ينتشي فرحا ببناته وهو يراهن يتعاطين الحياة بكل هذا الزخم الهائل من العلم والثقافة، بخطى هادئة رصينة تعلم جيدا ثوابت عقيدتها وتحترم كثيرا عاداتها وتقاليدها الجميلة المحبة المتسامحة، كل هذا وأكثر عاشه المشاركون والمشاركات في الملتقى وفي رحاب جامعة الملك سعود، مشاركة مع نادي الرياض الأدبي، وليكون نتاج ذلك أبحاثا علمية رصينة تضيء المعرفة العالمية، ولنعود لزمن جميل كنا نحن قادة العالم بالعمل الجاد لا مجرد صراخ وتفجير لا طائل منه.