-A +A
منى المالكي
هناك بعض العبارات التي أصبحت تستخدم في مواقع التواصل الاجتماعي مثل «الواتس أب» للتعبير عن حالات الدهشة، أو تعليق على موضوع معين وتكون هذه المفردات من التكثيف والدلالة العميقة على الحادثة أو القصة مميزة ومبهرة بشكل كبير، حيث يمكن أخذها لوحدها في كلمة او كلمتين تعبيرا ووصفا نستغني بها عن سيل من الكلمات في أكثر من صفحة! وهذا يتناسب كثيرا مع حالة السرعة الجنونية للحياة من حولنا!
وسأحاول أن أعلق أيضا على موضوع التشكيك بالمبدعين والمبدعات في كتابة نصوصهم الإبداعية من شعر وقصة ورواية في أنها سيرة ذاتية أو جزء منها، بهذه الكلمة «صفوا النية»!

حيث إننا دائما ما نسمع هذا السؤال المكرور دائما عند لقاء أديب أو أديبة: هل هذا العمل نتيجة تجربة مررت بها في حياتك؟! أو هل هذه القصيدة تحكي موقفا لك شخصيا؟! لا يعلم الكثير أن المبدع/ المبدعة يملك حساسية غير عادية بما يحيط به من أحداث أو ما يسمع من أصدقاء أو ما يقرأ، فهو يملك خيالا لا يملكه غيره وهذا هو الإبداع الحقيقي في قدرته على التعبير والكتابة عن شيء لم يمر به ولكنه تأثر به، واستطاع هو دون غيره التعبير عنه! ولذلك أقول «صفوا النية».
دعونا نتجاوز ذلك قليلا ونقول إنه ربما أن ذلك المبدع/ المبدعة عاش فعلا هذا الموقف أو تلك القصة، فالمبدع ليس ناقلا أمينا للقصة كماهي وهذا ليس عيبا فيه كونه غير أمين! بل إنها ميزة وميزة أصيلة في المبدع الحقيقي الذي يملك خيالا وشاعرية تضفي على تجاربه ما لا يستطيعه غيره، فيقدم ما يتعرض له في قالب وشكل إبداعي يعجز عنه الكثير وهذه التجربة أو جزء منها يحمل فكرا ورؤية واستشرافا للمستقبل يفوق ما يمكن أن يقوله أو يصفه غيره، ولذلك أقول صفوا النية!
في حالة المرأة المبدعة يصبح الموضوع أصعب وأكثر تعقيدا، فالمرأة تكتب تحت ضغط رهاب اجتماعي قاتل، وهذا الوضع ليس لدينا فقط وإنما هو ظاهرة إنسانية عالمية منذ بدأت المرأة علاقتها مع الكتابة، ذلك التابو المحرم الذي كان يحرص النسق الذكوري على الفصل بين المرأة والقلم، ولذلك نلحظ ظاهرة الأسماء المستعارة التي تبدأ مع المرأة في بداياتها الكتابية وتبدأ حالات الغياب والتغييب القسري لاسمها خوفا من العلاقة بين ما تكتب وحياتها الخاصة، أو بين ما تكتب ومحاكمتها على ما تكتب! ولذلك أقول «صفوا النية».