-A +A
فؤاد مصطفى عزب
يقول اليابانيون إن أعظم جروح الحياة ثلاثة.. أن تحب من ? يحبك وأن تنتظر غائبا ? يعود وأن تبحث عن نوم ? تجده.. والثالثة أقساها، فما أصعب أن يصبح الأرق ظلك وتوأمك وأن يتحول ريش الوسادة إلى خناجر وأن تلتصق بالليل حتى تصير جزءا منه وأن تضيق الغرفة فتصبح أضيق من قبر ويضغط السقف بثقله على الرأس والجدران تتضخم بلا حدود والدماغ يوشك على الانفجار وتتحول إلى كتلة لزجة معلقة في الفراغ كأن قانون الجاذبية لم يعد ينطبق عليك.. ينبثق الإرهاق من بين ضلوعك كنافورة حارة.. ساهم كغم ميت كأنك طرحت في جب مظلم مع تنين ? يرحم وتصبح المنومات بعد ذلك كمن يقطر ماء في حلق شخص يحتضر.. الذين لم يعيشوا الأرق لن يدركوا معنى هذا الكلام إطلاقا.. من يعرف هذا الكلام هم من ذاقوا مرارته القابضة مثل طعم عقب خيارة فاسدة فالنوم غيبوبة على بساط من ريح.. والأرق عذاب على بساط من جمر وحتى صياح الديك وفي هذا الزمن الحديدي الذي ازدهرت فيه صناعة الهموم كثر عدد أصحاب الجفون المثقلة ممن أصبح النوم عشقهم اليائس وتنامي عدد المصابين بمشاكل النوم وصارت هذه المشكلة ? تؤثر على عمل المصاب فقط والذي يشعر أنه على حافة الجنون من الليالي الطويلة التي لم ينم خلالها بل يتجاوز ذلك التأثير إلى اضطراب وحالة من الغم مثل كتلة تنيخ علة القلب وقد تؤدي إلى الانتحار وهذا ما فعلته الشاعرة سليفيا بلاث عندما وضعت ذات ليلة رأسها في الفرن وماتت مختنقة بالغاز تاركة خلفها قصاصة مخطوطة فيها «عندما يذهب النوم تنتهي الحياة» تقول مجلة ساينس دالي وبناء على دراسة قدمت ضمن فعاليات المؤتمر الدولي للجمعية العالمية للطب النفسي تحت عنوان «العلاجات في الطب النفسي»، أنه كلما زادت أنواع اضطرابات النوم لدى الأفراد زادت احتمالية أن تراودهم أفكار قتل أنفسهم، وأن المؤتمر نبه الأطباء إلى أهمية تقدير هؤ?ء المرضى والاعتناء بهم ومنحهم الرعاية الكافية فمخاطر الانتحار لديهم عالية حتى وإن لم يكن لديهم مرض نفسي وأن العلاج المناسب والذي يقلل من مشاكل النوم يحد من مخاطر سلوكيات الانتحار.. هذا ولقد انتشرت في أمريكا عيادات متخصصة لدراسة انعدام النوم وعلاجه، بل وأصبح عدد المترددين على عيادات اضطرابات النوم يشكل نسبة عالية.. وتطور علم النوم هناك وحظي باهتمام بالغ من الهيئة الأمريكية لطب النوم.. ولقد زرت مؤخرا مركز د?س لاضطرابات النوم وهو مركز متخصص في علاج مشاكل النوم والذي يشرف على إدارته الدكتور رجيف جوزيف، وبهرت بطريقة تقييم مشاكل النوم وتحديد نوع ا?ختبار المطلوب لعلاج الحا?ت المختلفة والخيارات العلاجية المناسبة.. فيا قارئي العزيز يقول الدكتور نيل ستانلي، خبير النوم لك، إن كنت تعاني من هذه الأعراض مجتمعة أو بعضها كالأرق أو عدم القدرة على النوم الكافي أو النوم بالنهار أو التعب أو الشخير أو توقف التنفس أثناء النوم أو احتباس التنفس أو رعشة الساقين أو عدم القدرة على الجلوس ساكنا أو الإعياء المزمن أو قلة التركيز أو الارتباك أو السير أثناء النوم أو تكرار الكوابيس أو الشعور بالصداع وبصفة خاصة في الصباح أو ارتفاع ضغط الدم فعليك اللجوء إلى استشاري متخصص في اضطرابات النوم، أما أنا فأقول لك إن هناك استشاريين سعوديين متمكنين لديهم المؤهل والخبرة للتعامل مع مشكلتك ومساعدتك ولكن اعفني عزيزي القارئ من الجواب عن السؤال المتعلق بتغطية شركات التأمين لعلاج اضطرابات النوم فبعض شركات التأمين للأسف ? زالت تعتبر الأرق جرحا ترفض لمسه، بل وتتكلم عنه بصيغة الضمير الغائب متجاهلين إنسانا يتوسط جسده سرير يتحول فيه النوم إلى عذاب !!