-A +A
علي حسن التواتي
وافق مجلس الشورى خلال جلسته العادية الثامنة والثلاثين على مشروع نظام التأمين ضد التعطل عن العمل المكون من 29 مادة والذي يفترض تطبيق أحكامه على جميع العمال السعوديين المسجلين في التأمينات الاجتماعية دون تمييز في الجنس بشرط أن يكون سن العامل عند بدء تطبيق النظام عليه دون سن التاسعة والخمسين.
ولقد حاولت الحصول على وثيقة تسرد فيها تلك المواد فلم أجد لا في الصحف المحلية ولا على موقع الشورى ولا ضمن كتابات الكتاب والمحللين الذين دبج عدد منهم المديح للمشروع كمجرد خبر أو أنهم اطلعوا عليه بشكل خاص لا يمكنهم من التعرض علانية لبنوده.

ويبدو أن المقصود بالمتعطلين هنا هم العاملون في القطاع الخاص الذين يفقدون أعمالهم لأسباب مقبولة ولمدد وعدد مرات محددة لا نعرف عنها شيئا ونحتاج لقراءة مشروع النظام للتعرف عليها، ولا يشمل كافة المدرجين تحت مسمى (البطالة المؤقتة) بمن فيهم من لم يحصلوا على عمل أصلا. كما أن تأمينات هذا النظام لا تشمل موظفي القطاع العام والهيئات شبه الرسمية المشمولة بنظام المعاشات الحكومي الذين قد يتعرضون للفصل التعسفي أو التعطيل الإجباري لأسباب خارجة عن العمل أو الطرد من الوظيفة لسبب أو لآخر.
فلا نعرف ابتداء أي شيء عن الحالات التي تعتبر مقبولة لتطبيق النظام على شخص بعينه ولا عن المعايير التي اعتمدت لتبريـر القبول من عدمه ولا عن مبرر تحديد الفئة العمرية التي ينطبق عليها النظام بمن هم دون سن 59 عاما. ألا يمكن لمستشار إحدى الشركات أن يتعطل شهرين أو ثلاثة فوق سن 59 ويكمل باقي السنة في شركة أخرى؟
ولا نعرف أيضا ما إذا كان سيتم إنشاء صندوق ضمن صندوق التأمينات الاجتماعية للتأمين ضد التعطل أو أن بندا من الصندوق الحالي سيخصص لهذا النوع من الإنفاق.
ولا نعرف أي شيء عن مصادر تمويل هذا النظام وهل سيؤدي إلى زيادة الاستقطاعات من رواتب وأجور العاملين وموظفيهم تحت مظلة التأمينات الاجتماعية ويتسبب بالتالي في مزيد رفع تكاليف إنتاج السلع والخدمات على المستهلك النهائي أو أن هناك مجال للدعم الحكومي ولقبول الهدايا والهبات والأوقاف من الأشخاص والمؤسسات.
أما الاستحقاق ومقداره والتي تعتبر مسائل حساسة للغاية فتحتاج إلى إيضاح وإعلان قبل إقرار النظام بصورة نهائية ففي بعض الدول المجاورة يختلف التعويض في المرة الأولى للتعطل عنه في المرة الثانية والثالثة إن كان هناك ثالثة. فكم عدد الأشهر أو السنوات التي يجب أن يمضيها المتعطل في عمله في كل مرة قبل أن يستحق البدل المقرر وما نسبته من راتبه الذي كان يتقاضاه قبل التعطل؟.
ولذلك أقترح أن ينشر مجلس الشورى مشروعات الأنظمة قيد الدراسة لديه على موقعه، وأن يبذل قليلا من الجهد في الاتصال بذوي الرأي والاختصاص من غير أعضائه في موضوعات الأنظمة كل على حدة أو من خلال دعوتهم إلى ندوات مفتوحة ليتلقى توصيات واقتراحات بناءة قد لا تخطر على بال العضو المهيمن أو زملائه في اللجنة المخصصة لدراسة النظام المقترح..
ولا بد من التنبيه هنا إلى أن أدوات التواصل التي يوظفها مجلس الشورى مع المجتمع قديمة وتحتاج إلى تطويـر. فالأفكار فواكه العقل ولا بد أن نبحث عنها ونجنيها طازجة ريانة أينما وجدت، ولا يكون هذا إلا بإشراك الناس فيما نفكر به وندرسه فلربما وجدنا فكرة خلاقة للتعامل مع مسألة من المسائل عند أحد لم نتوقعه وما كنا لنتعرف عليها لو لم ننفتح على المجتمع الذي يفترض أننا نمثله ونسن الأنظمة والقوانين من أجله ونطبقها عليه. فالمجتمع في النهاية هو الحكم وهو المستفيد أو المتضـرر، وأظن أن من حقه أن يعرف ما يعد له من طعام في مجلس الشورى وما هي محتوياته ليبدي رأيه فيه قبل طبخه وتقديمه جاهزا له لأكله أو لإجباره على ازدراده في بعض الأحيان.
altawati@gmail.com
تويتر: @alitawati