-A +A
علي حسن التواتي
طالب مجلس الشورى في جلسته العادية الـ 25 التي عقدها يوم الأحد 19/05/2013 المؤسسة العامة للموانئ بسرعة التعامل مع تغيرات وازدياد الواردات إلى موانئ المملكة بحلول سريعة ومتوسطة المدى، كما طالب المجلس المؤسسة بدراسة تحويل المجالس الاستشارية في الموانئ إلى مجالس موانئ وإعطائها صلاحيات أكبر لإدارة الموانئ.
وهذا ما طالبت به بالضبط في مقالة رئيسية مازالت على موقع مقالاتي في «عكاظ» وردت عليها إدارة المؤسسة العامة للموانئ بمحاولة تصيد بعض الأخطاء المعلوماتية المنقولة أصلا عن موقع المؤسسة على الإنترنت فيما يبدو أنه استراتيجية مقصودة لنشر بيانات قديمة وعدم تحديثها حتى إذا استخدمها أي كاتب أو باحث يقال له إن معلوماتك غير صحيحة وما عندك خبر.
أما بالنسبة لمطالبة مجلس الشورى للمؤسسة بحلول سريعة ومتوسطة المدى لمسألة التكدس في أشهر الذروة من رجب إلى ذي الحجة فهي تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن إدارة تلك المؤسسة لم تضع حلولا مقنعة بل الأسوأ أنها لجأت إلى نفس أسلوبها الدفاعي المعتمد بتحميل مسؤولية التكدس الذي تشهده الموانئ السعودية لجهات أخرى منها التجار الذين يتأخرون في استلام بضائعهم، والإجراءات الرقابية مثل التفتيش والفحص والتنظيم المروري الجديد.
وحينما نتحدث عن الموانئ السعودية لا يمكن تجاوز ميناء جدة الإسلامي ذي الإمكانات الهائلة المعطلة التي تسأل عدة جهات حكومية عن تعطيلها وحرمان البلاد والعباد من مردوداتها التي يمكن أن تشكل دخلا وطنيا منافسا إن لم يكن بديلا للبترول. وميناء جدة هو الأهم في المملكة ويمكن أن يكون الأهم في المنطقة على الإطلاق بتناوله لأكثر من 65 % من إجمالي عمليات الشحن والتفريغ في المملكة وإمكانية توظيفه بشكل أفضل في التجارة الدولية بين الشمال والجنوب وذلك من خلال 62 رصيفا يبلغ إجمالي أطوالها أكثر من 12 كيلومترا ذات مياه عميقة تصل إلى 18 مترا وتتسع لأحدث أجيال سفن الحاويات بحمولة تصل أكثر من 14000 حاوية قياسية. وفوق كل هذا هو الميناء الأكثر أمنا في البحر الأحمر عبر تاريخه الطويل الذي يمتد لآلاف السنين.
ولموقع ميناء جدة الإسلامي بعد دولي لا يخفى على أحد رغم التعتيم الذي يبدو مقصودا فهو يتوسط المسافة تقريبا بين المحيط الهندي والبحر المتوسط. وهو على بعد ألف كلم تقريبا من مضيق باب المندب و1300 كلم تقريبا من مصب قناة السويس في بور سعيد ناهيك قربه من بوابات القارة الأفريقية الشرقية من شمالها إلى جنوبها.
ولعل هذا البعد العالمي هو الذي فرض إنشاء منطقة إيداع وإعادة تصديـر صغيرة ومحدودة في الميناء أريد لها أن تقصر عن أن تصل لمستوى منطقة اقتصادية حرة رغم الضغوط العالمية للاستفادة من هذا الميناء الفريد من نوعه في حركة التجارة بين الشمال والجنوب والشرق والغرب. وآخر ما يتردد الآن في هذا الاتجاه هو اعتزام شركة سوق لندن لتبادل المعادن التفاهم مع السلطات السعودية من خلال شراكة مع شركة أمبرو التي يملك سعوديون أكثر من 50% من أسهمها على إدراج منطقة الإيداع وإعادة التصدير في ميناء جدة الإسلامي كثاني منطقة إيداع وتوزيع للمعادن في الشرق الأوسط بعد دبي ولتصبح المنطقة الثامنة والثلاثين للشركة على مستوى العالم. وتشمل المعادن المقترحة للتبادل عبر ميناء جدة مع العديد من الدول من أهمها الصين وجنوب أفريقيا النحاس والزنك والرصاص والحديد إضافة إلى الألمنيوم.
والمعروف أن 80 % من تجارة المعادن في العالم تمر عبر شركة سوق لندن لتبادل المعادن، ونجاحها في توطين بعض أعمالها في ميناء جدة قد يشكل نواة جيدة لمنطقة اقتصادية حرة لم يشهد لها التاريخ مثيلا..
ولكن بالنظر للعوامل المساندة أو المجهضة لنجاح مثل هذا التوطين نجد أن العوامل المجهضة وفي مقدمتها صغر المساحة التي يمتد عليها كامل الميناء والتي لا تزيد على 11,5 كلم مربع ناهيك عن ضآلة مساحة منطقة الإيداع التي لا تزيد على كيلومتر مربع واحد رغم أنها وردت خطأ على موقع المؤسسة (مليون كيلومتر مربع!؟ ) وهو ما يدل على أن بعض المعلومات على موقع المؤسسة الرسمي لا يعتد بها.
ولذلك أرى أنه من المهم أن أخصص مقالة كاملة لمناقشة إمكانيات تطويـر الميناء وتعظيم الفوائد الاقتصادية والاستراتيجية من وجوده وهذا ما أرجو أن أوفق فيه في مقالة الأربعاء القادم إن شاء الله.

Altawati@gmail.com


للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 130 مسافة ثم الرسالة