-A +A
علي حسن التواتي
يظهر من وقت لآخر أشخاص يحاولون النيل من مقام سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم. وما علم مثل هؤلاء أن هاماتهم مهما اشرأبت وتطاولت فهي لا تصل لشسع باطن نعله التي شرف وطأ قدمه الشريفة كل موضع وطأته. ولكل متطاول من هؤلاء مذهبه ومنهاجه فمنهم من يشكك في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ومنهم من يشكك في سيرته ومنهم من ينفذ من الفتنة التي أعقبت رحيله إلى بارئه، بل إن هناك من يحسده من منطلقات قبلية وإقليمية فيرفع الصوت بالجزء الأول من الشهادة ويتعمد تجاوز الجزء الثاني فإن طلب منه أن يكمل الشهادة بأن محمدا رسول الله إما أن يصمت أو يقول كان محمد رجلا صالحا.
ولئن اكتفى البعض بالإساءة الفردية مثل سلمان رشدي وتسليم نسرين وغيرهم من عجم وعرب، تمادى البعض بالإساءة ليؤسس طائفة وطريقة تسمى باسمه مثل القادياني والبهائي والبريولي والحبشي حتى لا يبوء بوزر عمله وحده بل بوزر عمل كل من اتبعه في منهاجه إلى يوم القيامة.
ولحسن الحظ فإن علماء المسلمين والصالحين من حكامهم لم يألوا جهدا عبر تاريخ الإسلام الطويل في تعريف الناس بأصحاب الطرق والطوائف الشاذة وكشف فساد رأيهم وحقيقة أهدافهم ومطامحهم في هدم الدين وإخراج من يمكنهم إخراجه عن الملة منهم لزيادة عدد أتباعهم وخدمة مصالحهم الدنيوية أو حتى مجرد إثارة البلبلة وتشكيك الناس في عقيدتهم كمقدمة لتسهيل قيادهم بعد وضعهم في أجواء عدم التوازن التي تتساوى فيها الأمور فيصبح المرء عرضة للاستهواء والانقياد حتى من غير اقتناع في كثير من الأحيان طلبا للنجاة من الخواء الذي يملأ روحه والشك الذي ينهش عقله.
ولقد بلغ التبجح في بعض هذه الطوائف كالقاديانية والبهائية والقرآنيين وغيرهم ممن يكفرون الصحابة بالتقدم لمشيخة الأزهر في مصر بالاعتراف بها والترخيص لها بممارسة شعائرها علنا فكان رد علماء الأزهر الكرام حاسما في بيان يرفض الاعتراف بهم وبشرعيتهم وحتى بمجرد اعتبارهم طوائف إسلامية.
ولعل ما يسيئنا أن ينبعث من عالمنا بعض الأشخاص، مشككين ورافضين علنا لقبول ما لا يعجبهم من أحاديث نبوية شريفة أو تفاصيل معينة من سيرة سيد المرسلين. فهؤلاء أخطر علينا وعلى ديننا ووحدتنا الوطنية من كل أصحاب المذاهب والطوائف الشاذة المعروفة لأن هؤلاء يعيشون بيننا ويبثون سمومهم في وسائل إعلامنا التقليدي والجديد ويشوهون ديننا في نظر صغارنا الذين لا يحتاجون لمزيد من التشكيك فقد قامت القنوات الفضائية والمواقع الإباحية والكفرية بما يكفي ويزيد..
وما يؤسف له أن معظم من يحاولون التطاول على الذات النبوية الشريفة يبدؤون بالتشكيك ببعض الأحاديث النبوية التي يعجز العقل عن فهمها أحيانا. ونحن وهم نعلم جيدا أن هناك طرقا للتحقق من صحة الأحاديث يعرفها أهل العلم والاختصاص. فلماذا نهرف بما لا نعرف على صفحات الجرائد أو مواقع التواصل الاجتماعي؟ لم لا نلجأ لفقيه أو اثنين أو ثلاثة أو مائة من ذوي الاختصاص بعلم الرجال ومنه علم الجرح والتعديل لنتأكد من صحة حديث من الأحاديث؟ فعلم الرجال هذا وفروعه يعتبر جوهرة علوم النفي أو التأكيد في التراث الإنساني برمته. وهو علم إسلامي فريد من نوعه ولا يوجد له مثيل في كافة الثقافات الإنسانية. عرفه أجدادنا وطوروه قبل أن يولد ديكارت وغيره من أصحاب مذاهب الشك والتشكيك. ولم يطور علماء الأمة هذا العلم المتقدم إلا للتأكد من صحة وسلامة أمتان الأحاديث وسلسلة رواتها وما لهم وما عليهم حتى تصبح الأمة على بينة من الحديث النبوي كمصدر من مصادر التشريع والذي يأتي بالدرجة الثانية بعد القرآن الكريم وربما يأتي في المرتبة الأولى فيما لم يرد به نص.
ولتقديم حسن النية أرى أنه بدلا من الاجتهاد في محاورة مثل هؤلاء الجهلة الذين يظهرون من وقت لآخر في مجتمعنا بشكل فردي غير منظم قد تشوبه عواطف جياشة ومشاعر حادة ممن يشتركون فيه، من الأفضل تشكيل لجنة من العلماء ذوي الاختصاص لمحاورتهم محاورة علنية قد تنتهي باقتناعهم وتراجعهم عن مواقفهم التي ربما كان دافعها الشهرة ولا شيء غير الشهرة..
ويبقى التأكيد على ضرورة غرس حب رسول الله صلى الله عليه وسلم في قلوب الصغار قبل الكبار وتوقيره وتعزيره ونصره. وأدعو الله أن يجعلنا ممن قال فيهم
تعالى: (فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون). الأعراف (157).

Altawati@gmail.com


للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 130 مسافة ثم الرسالة