-A +A
علي حسن التواتي
وردت في آخر قائمة الاستثناءات والتسهيلات التي وافق عليها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، قبل انتهاء فترة المهلة التصحيحية للعمالة المخالفة فقرتان مهمتان لمراعاتهما للبعد السياسي في القرارات التي تصدر عن مختلف الوزارات في المملكة باعتبارها تنظيمات سيادية تعكس في قراراتها وفي كل ما يصدر عنها توجهات الدولة السعودية على الصعيدين المحلي والإقليمي. ولا شك بأن عودة هذا البعد ــ لأول مرة ــ لقرارات وزارة العمل المنظمة لتواجد وعمل العمالة المغتربة في بلادنا من دول أخرى شقيقة أو صديقة هو أمر في غاية الرشد ذاك أن فيه تأكيدا على أنه في الوقت الذي تسعى فيه حكومة المملكة لتنظيم سوق العمل فيها، هي لا ترغب في الإساءة للعلاقات الدولية الممتازة التي تربطها بمعظم الدول التي يتواجد فريق من أبنائها في بلادنا للعمل والمشاركة في التنمية.
والفقرتان اللتان أعنيهما تنص إحداهما على (فتح فرصة الاستفادة من تصحيح أوضاع العمالة الوافدة من جميع الجنسيات بلا استثناء خلال فترة المهلة التصحيحية) أما الأخرى فتنص على أنه (يتم خلال فترة المهلة التصحيحية السماح للمنشآت بتجاوز النسب المحددة للجنسيات في تركيبة كل منشأة تسهيلا لعملية التصحيح ولاستيعاب الأعداد الراغبة في تصحيح أوضاعها. ولا يشمل هذا السماح طلبات الاستقدام). وبهذا تتيح المملكة لكل المغتربين المخالفين من مختلف الجنسيات فرصة تصحيح أوضاعهم حتى لو أدى ذلك إلى تكدس أعداد من العاملين من جنسية واحدة في بعض الشركات والمؤسسات أثناء فترة التصحيح لأن هذا أمر يمكن احتماله خلال الفترة الانتقالية كما يمكن تصحيحه فيما بعد.

ولذلك استقبلت قائمة الاستثناءات والتسهيلات التي وافق عليها خادم الحرمين الشريفين بترحيب وثناء كبيرين من كافة الدول الشقيقة والصديقة التي تتواجد في المملكة أعداد كبيرة من أبنائها المغتربين حيث إنها تلغي التمييز في سبيل الإصلاح إضافة لما تعطيه باقي بنود الاستثناءات من مرونة عالية وحقوق للمخالفين الراغبين في تصحيح أوضاعهم والاستمرار بالعمل في البلاد مع الالتزام الكامل باحترام كافة الأنظمة والقوانين المنظمة لتواجدهم وعملهم فيها.
وبالرغم من نشر قائمة الاستثناءات والتسهيلات يوم السبت الماضي والأحد فقط إلا أن أعداد من رغبوا في تصحيح أوضاعهم قبل صدورها وصلت إلى اعداد كبيره. ولذلك أتوقع ألا يقل العدد عن مليونين بعد استيعاب العمالة المخالفة لمدى الكرم والإنسانية التي تعاملت فيها حكومة خادم الحرمين الشريفين مع قضيتهم من خلال ما تمنحهم إياه هذه الاستثناءات والتسهيلات من حرية في الاختيار وتحسين في الظروف المعيشية.
ولكن تبقى ناحيتان أود التنبيه إليهما في سبيل تطبيق هذه الاستثناءات والتسهيلات التصحيحية بشكل ممتاز بعيد عن التسرع والعشوائية. وتتمثل الناحية الأولى في ضرورة إعادة النظر في المهلة المحددة للتصحيح والتي تنتهي يوم 24 شعبان/ 3 يوليو لثلاثة أشهر أخرى ذلك أن هذا التاريخ لا يبعد كثيرا عن شهر رمضان الكريم وهو شهر صيام وقيام وروحانية إضافة إلى أن الأعداد المتوقعة من راغبي التصحيح ستكون كبيرة ويصعب استيعابها من مكاتب العمل والجوازات حتى لو مددت ساعات الدوام الرسمي. أما الناحية الثانية فتتمثل بضرورة القيام بحملات توعوية للعمالة بما تقدمه لهم هذه الاستثناءات والتسهيلات من مكاسب إيجابية. ويستحسن أن تشارك القنصليات ومكاتب الدعوة والإرشاد ووسائل الإعلام المختلفة بحملة التوعية بعدة لغات خاصة منها لغات الجنسيات الإسلامية والآسيوية التي تكثر بينها المخالفات..
ويبقى أن أشيد بالبعد الإنساني الذي تضمنته قائمة الاستثناءات والتسهيلات وذلك بالرغم مما أتوقعه بعد تنفيذها من انعكاس سلبي على المستوى العام لأسعار السلع والخدمات في المملكة. ولكن هذا الأمر يمكن احتماله أيضا خلال الفترة الانتقالية والأهم أن تنجح وزارة العمل في تنظيم سوق العمالة وتضع خارطة تنظيمية واضحة للمهن والتخصصات كمقدمة لمزيد من توظيف السعوديين في التخصصات الأشد إلحاحا والأجزل دخلا وعطاء.