-A +A
علي حسن التواتي
ستشكل نهاية هذا العام 2013 بداية مرحلة جديدة في تاريخ النقل الجوي في المملكة العربية السعودية وذلك إن صحت توقعات المتحدث الرسمي لهيئة الطيران المدني ببدء شركتي «طيران الخليج وشركاؤه» و «الخطوط الجوية القطرية» وهما الفائزتان برخصة المشغل الجوي الوطني في السعودية.
وبهذا تجد إدارة الخطوط الجوية العربية السعودية نفسها على مفترق طرق في مواجهة نفس الأوضاع التي واجهتها شركات طيران أمريكية كبرى بعد تحرير قطاع النقل الأمريكي أواخر السبعينات حيث زاد عدد الناقلين وتضاءلت الحصص السوقية للشركات الكبرى وذلك ما أدى إلى إفلاس ما لا يقل عن 27 منها بحلول يونية 1991. وطال الإفلاس شركات طيران فخمة لم يدر بخلد أحد يوما أنها قد تصل إلى مثل تلك النهاية ومنها (بان أمريكان وإيسترن) وغيرها. وحتى تلك التي نجت بشكل أو آخر مثل (تي دبليو إيه ومالكتها أمريكان ويونايتد ويو إس أير ودلتا) فلم تتمكن من النجاة بعد أحداث 9/11/2001 واستخدام الطائرات المحملة بالركاب كسلاح تدمير قتالي.
ولم ينج من بين شركات الطيران الأمريكية خلال العقود الثلاثة الأخيرة غير تلك التي عرفت بـ (الناقل الرخيص) أي الذي استطاع أن يضغط تكاليفه إلى أدنى حد ممكن ومنها (ساوث ويست وجت بلو وأير تران). وهذه الشركات كانت تقلل قدر المستطاع من تكلفة كرسي السفر على الطائرة إلى أقصى حد ممكن حتى لو تطلب الأمر التمييز في التعرفة بحسب وقت السفر أو مكان الجلوس أو عدم تقديم وجبات أو بيعها بمعزل عن قيمة التذكرة أو توزيعها على الركاب عند باب الطائرة لتوفير أجرة تعيين مضيفين جويين على متن الرحلة.
والخطوط الجوية العربية السعودية التي عملت في سوق بلا منافسة، ورغم التشغيل غير الكفؤ الذي تعاني منه منذ نشأتها، تعتمد على إعانات الدولة العينية والنقدية لها بالاستمرار باعتبار أهمية السفر بالطائرات في ظل عدم تطور وسائل النقل البري والبحري والخدمات المساندة في البلاد بالكمية والنوعية المناسبة.
ورغم لجوء الخطوط السعودية مؤخرا لبعض أساليب خفض التكاليف التي تلجأ لها بعض الخطوط الأمريكية الناجية إلا أن ذلك لم يكن كافيا خاصة في ضوء تشدد وزارة المالية في زيادة الإعانات وتشدد مجلس الشورى في زيادة تعرفة السفر المحلي. أما بالنسبة للنقل الدولي فالخطوط السعودية تفتقر للمنافسة باعتبارها واحدة من أغلى خطوط الطيران في العالم رغم تدني مستوى خدماتها بالنسبة لخطوط طيران أخرى تتمركز في دول مجاورة من أهمها البحرين والإمارات ومصر والأردن وتركيا التي تستقطب أعدادا لا يستهان بها من المسافرين السعوديين خاصة في الرحلات السياحية والترفيهية.
وبالتالي فإن اعتماد الناقل الوطني على استمرار الإعانات الحكومية في التشغيل غير الكفؤ لا يمكن أن يستمر كركيزة أساسية للبقاء في وجود منافسين آخرين مدعومين دعما لا محدودا من حكومتي بلديهما فذلك ما سيجبر مختلف أطراف المعادلة في النهاية إلى وقف الإعانات عن الجميع والارتكاز على مبادئ التشغيل الكفؤ للشركات دون تدخل الحكومات وحينها سيصبح الفيصل في الحصول على حصة سوقية أكبر هو الخدمة المميزة وإرضاء الزبون وهذا ما فشلت فيه الخطوط السعودية حتى هذه اللحظة.
ولا أرى مخرجا للخطوط الجوية العربية السعودية إلا باللجوء إلى عدة خطوات أولها إعادة الهيكلة إلى شركات صغيرة لا علاقة لأي منها بالأخرى لنقل الركاب والبضائع والنقل المحلي والدولي. والخطوة الثانية تتمثل في التركيز على رفع كفاءة التشغيل لكل شركة من الشركات المنشأة وتجنب سوء التخصيص في مواردها بالاستناد على معادلة إنتاجية تعتمد المواءمة بين الثابت والمتغير منذ البداية.
أما الخطوة الثالثة التي أراها كمخرج مناسب من ورطة المنافسة المنتظرة فتتمثل في اللجوء للحلول المبتكرة مثل النقل بالمناطيد التي أعادت ألمانيا إليها الاعتبار بعد 73 عاما من كارثة تحطم منطاد هندينبرج أثناء هبوطه في أمريكا. وتعتبر المناطيد الحديثة إضافة إلى طائرات الهليكوبتر من أجدى وسائل النقل الجوي من الناحية الاقتصادية ومن أفضلها من ناحية بيئية في النقل السياحي والنقل بين المدن المتقاربة مثل مدن محافظة مكة المكرمة وعسير وجازان والشرقية وغيرها من المدن المتقاربة في المملكة..
ولذلك أرى أن على إدارة الخطوط الجوية العربية السعودية ألا تتعامل مع المستجدات القادمة بالخطة المعهودة وذلك بالتعويل كثيرا على الدعم الحكومي، بل عليها أن تسلك الطريق الآخر رغم صعوبته وهو طريق الأخذ بكل المبادئ الاقتصادية التي تضمن المنافسة والاستمرارية وفق المعايير الاقتصادية العالمية المتعارف عليها.


Altawati@gmail.com



للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 130 مسافة ثم الرسالة