-A +A
علي حسن التواتي
بحسب ما أوردته وكالة رويترز للأنباء فقد ارتفعت أسعار البيوت في بعض المدن الصينية الكبرى خلال عام بنسبة وصلت إلى 21.8% فاعتبرت الحكومة المركزية هذا الارتفاع مبالغا فيه وعزته للمضاربة في سوق العقار السكني الذي لا يحتمل المضاربة وذلك ما دفعها إلى فرض قوانين جديدة اعتبارا من أول هذا الشهر أبريل من أهمها فرض ضريبة (ريع رأسمالي) على كل عائلة تملك مسكنا تقيم فيه وترغب في شراء مسكن ثان ما لم تكن مقيمة في البيت الأول مدة تزيد على خمس سنوات. وتشكل الضريبة المفروضة نسبة 20% من قيمة البيت الثاني المشترى. كما أن على من يأتي من خارج المدن التي تفرض فيها الضريبة أن يثبت أنه غير أجنبي أو غير مطلق.
ولم تنس الحكومة المركزية تذكير حكومات مختلف المقاطعات الصينية بالمحافظة على توفير نسبة من الأراضي المخصصة لبناء المساكن بوتيرة لا تقل عنها في السنوات الخمس الماضية.
ولهذه التدابير مزايا عديدة أهمها أنها لم تفرض على كافة مدن ومناطق الصين ولكنها فرضت في المدن الثلاث الرئيسية (بيجنج وشنغهاي وغواندونج) التي عانت من المضاربات العقارية بسبب تركز أصحاب رؤوس الأموال والأثرياء فيها، وترك تطبيقها من عدمه بحسب ظروف كل مقاطعة والمستجدات التي تواجهها في سوق عقارها المحلي. أما المزية الثانية فتتمثل في أنه لم يمنع شراء بيت ثان للعائلة التي ترغب في الشراء ولكن عليها أن تدفع الضريبة التي ترفع من قيمة الشراء الإجمالية فيصعب تسويق البيت المشترى في وقت قصير. وتتمثل المزية الثالثة في منع كبار المضاربين في سوق العقار من التستر بأسماء أرباب العائلات واستغلالهم بشراء بيوت بأسمائهم برسم البيع مقابل مكافأة ربما كانت ضئيلة.
أما فيما يختص بتوفير الأراضي السكنية على مستوى المقاطعات بنفس وتيرة السنوات الخمس الماضية فواضح أن الهدف من ورائه تحويل المضاربة في العقار السكني إلى استثمار في تطوير وبناء بيوت جديدة على أراضٍ لا يمكن بيعها أو رهنها أو التصرف فيها في غير ما خصصت له.
وبالمقارنة ببعض الإجراءات التي وظفتها دول خليجية منها قطر وبعض الإمارات في دولة الإمارات العربية المتحدة لتبريد المضاربة في سوق العقار السكني والتي من أهمها تجميد الإيجارات أو الإعانة، نجد أن الإجراءات الصينية تفوقها تقدما وعمقا وتمتاز أيضا بالمرونة والرؤية البعيدة. فالحكومة الصينية لم تلف وتدور حول المشكلة بل توجهت مباشرة لقلبها وهو المضاربة في أسعار البيوت السكنية وليس مجرد إيجاراتها. ويلاحظ بأنها لم تكن ضربة موجعة لأنها لم تمنع من يريد تملك المزيد من العقارات بهدف الاستثمار طويل الأجل وإن كانت صعبت عليه المضاربة الآنية فيها. في حين أن الإجراءات الخليجية أهملت المضاربة في أسعار بيع وشراء البيوت ووجهت تدابيرها نحو إيجاراتها فقط فتسببت بالإضرار بمصالح صغار الملاك بإجبارهم على إبقاء إيجارات بيوتهم مجمدة مع أنها لم تجمد الأسعار في أسواق أخرى تعاني من مستويات مقلقة من التضخم أو تتدخل تدخلا خلاقا للحد منه.
وبالنسبة والتناسب أرى أن حالة المضاربة في سوق العقار في بلادنا تفوق ما حدث في الصين بكثير، ورغم ذلك فإن الجهات المسؤولة عن الإسكان والتشريع في المملكة لم تتخذ أية خطوات ذات قيمة للتعامل مع هذه المسألة سواء بحسب المدخل الصيني أو الخليجي بل أبقت ملكية الأراضي البيضاء الصالحة للسكن والمملوكة من أشخاص ومؤسسات خاصة أو حكومية مثل مصلحة معاشات التقاعد والتأمينات الاجتماعية وصندوق الاستثمارات العامة على ما هي عليه دون أن تكلفهم أية أعباء ولم تمنعهم من المضاربة في قيمها أو إيجاراتها. كما لم تسهم الجهات المختصة في زيادة المعروض الجديد من الأراضي المطورة أو حتى الصالحة للسكن في المناطق والمدن المتضررة. أما وزارة الإسكان التي طالما انتظرنا عودتها سنين طويلة فقد تحولت إلى مقاول يبني وحدات سكنية بمواصفات فقيرة لا تتناسب مع متطلبات الأسرة السعودية العصرية. وحتى قروض الإسكان التي تقدمها للمواطنين رغم زيادتها قيمة وعددا لم تعد لها فائدة لعدم توفر الأراضي للمقترضين ولجوئهم في كثير من الحالات إلى بيع قروضهم في سوق سوداء للقروض وحرمان أنفسهم وعائلاتهم من ملكية سكن حتى نهاية العمر.

للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 130 مسافة ثم الرسالة