-A +A
فؤاد مصطفى عزب
هذه قصة تائهة وجدتها على (النت) لم يلزمني وقت طويل حتى أنحني والتقطها لكم.. يعتمد من ينحني لالتقاط هذا النوع من القصص بحثا عن المعنى.. قصة قصيرة كشراع صغير لكن فيها ريح من العبر.. قصة ينهمر منها عطر تقتطف الشخص من زوابع الزمان ليواصل معجزة الحياة غير مبال بالكسور الكثيرة التي أصابته.. تقول القصة: كانت هناك امرأة ثرية تعيش مع طفلها تمشي فوق رؤوس السنابل تنام معه في أمان فوق ركبة الزمان، كبر في عيونها وأحبته حتى اخضرار الأفق، كان حين يضحك تتفتح في قلبها ورود الفرح الليلي ويبتهل الصبح ويرقص القمح ويتوقف نبض الأرض.. إلا أنه كانت هناك شرارة نائمة في حياتها قدحها الزمان.. خرج لها مارد الموت يوما وانتصب مثل نار والتهم ذلك الابن.. ذهب إلى حيث تنطفىء الأشياء وأصبح الرماد يسري في روحها.. واشتعلت النار في النخيل وتحول كل شيء أخضر إلى جمر.. وأخذت تبحث عن ضوء يقودها إلى لغة تحمل وجعها حتى عثرت على (ذئب حكيم) كان هو الوحيد الملاذ الأخير لألمها.. وضعت أمتعة عذاباتها عند بابه.. طلبت منه أن يخبرها عن وصفة لاستعادة ابنها إلى الحياة مهما كانت أو صعبت تلك الوصفة.. أخذ الحكيم نفسا عميقا وشرد بذهنه (وهو يعلم استحالة طلبها) ثم قال لها أنت تطلبين وصفة.. حسنا.. أحضري لي حبة (خردل) واحدة بشرط أن تكون من بيت لايعرف الحزن مطلقا!! وانطلقت تحمل تلك الكلمات المبتورة والتي لا ضفاف لها.. تائهة في دنيا بألف باب.. فلا وقت لترتيب انهيارات الروح وأخذت تبحث عن حبة الخردل في بيت لم يعرف الحزن مطلقا.. كانت تلوح وتختفي وتمشي في تراب تتلعثم فيه الخطى.. كانت تمشي لتكمل ما انفصل عنها... اقتربت من المنزل الأول كان منزلا أصابه الإعصار ولازالت زجاج الشظايا تنقر بأصابعها فيه.. قالت لها المرأة: كان هذا المنزل جبلا يرسو كمركب ضخم لا تعبث فيه الريح، الآن أصبحت السماء سقفا لنا.. تركت المنزل محملة برماد كثيف وبيقظة حارقة وذهبت للمنزل الثاني لتجد زوجا ممددا يعبره نهر ناري من الألم.. قالت لها زوجته لو كان في الكيس مال لما تحول لجمر بارد ينام كما ترينه بين أصابعي.. وطرقت باب المنزل الثالث ليفتح لها الباب رجل مسن خلسة.. كانت تصلها الأصوات النحيفة من الداخل تتضور جوعا (ما أقسى ملمس صوت طفل جائع)، قال لها: لدي اثنان أعمى لايقوى على فتح رمشه، والآخر كسيح، واستمرت تجوب المنازل.. كانت تمر على كل بيت فتجد في أحدهما ملحا والآخر جمرا والثالث النزيف والرابع يتهاوى وتنبعث منه أصوات نائحة كان كل ذلك يتسلق في نفسها كنبات شوكي.. ولكنها شعرت بندم قديم.. اكتشفت أن ما حصل لها خدوش صغيرة في الجسد.. لعقت تلك الخدوش.. وضعت خريطة شملت تلك البيوت.. حملت من مزرعتها تينا وتفاحا وثمارا ناضجة وحليبا وذهبت للسوق لتبتاع أدوية لرجل كامل الجراح وخشبا ثقيلا يحمي النوافذ والسقوف، كانت كلمات الحكيم تمر كسحابة فوقها، كأنما أراد ذلك الحكيم ترسيخ حقيقة الصبح في نفسها بشكل لارجعة فيه وليحيلها إلى مفردة بيضاء، وأن ما حدث لها عطب صغير وسور قصير في مدينة ينهمر على منازلها الجراح كضفائر من رأس جبل ويقطر من نوافذها الحجر.. فتذكر دائما عندما تفقد الأمل وتعتقد أنها النهاية.. تأكد أنها مجرد منعطف وأنها ليست النهاية.
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 134 مسافة ثم الرسالة