-A +A
علي محمد الرابغي
هذا الكيان الكبير .. هذا الذي تعرف البطحاء وطأته .. هذا الذي درج وترعرع في بيئة مكاوية هي قمة الروحانية وقمة التاريخ وقمة الشموخ .. هي ملهمة الشعراء وساحرة الأفئدة ومهواها.. هي ساحة الإشعاع والإبداع.. هي خارطة الزمان والمكان والأبعاد.. هي التي استقر في خلدها مجد الرسالات.. إبراهيم وإسماعيل ومحمد عليهم الصلاة والسلام.. في وسط كل هذا الخضم الذي يموج بالعطاء ويهمي بتغذية الطاقات الإبداعية وجد شاعرنا الكبير نفسه ومن خلال الوجدانية هذه.. نشأ في مهد الإبداع والحس المرهف.. كان ينصت من داخله منذ نعومة أظافره للعمالقة حسن جاوه وحسن لبني وغيرهما آخرون وكان يعيش وسط طفرة من الكبار.. حمزة شحاتة والعواد والقنديل والفقي وطاهر زمخشرى.. ومن حوله شوقي وحافظ والبارودي وجبران ونعيمة وعمر أبو ريشة وأساطين الكلمة والبلاغة، والقمم أم كلثوم وعبدالوهاب وكثيرون.. كان الخفاجي يجيد الإنصات.. هناك من لا يقرأ بل يكتفي بالسماع ولكن الخفاجى كان يجيد ثقافة السماع وثقافة القراءة.. فكان أن أبدع في حقن ذاكرة الإبداع وواحة التعبير عنده بمخزون وفائض كبيرين.. انعكس ذلك إيجابا على قدرته الإبداعية والخلاقة.. كان يأخذ الناس من أذانهم.
كان يموسق كلماته وزنا وجرسا.. فتأتي في طواعية تمهد الطريق أمامه فتخرج صادقة فيصدح بها.. فتوافق هوى وصدى عميقا عند الغناء.. وكان محمد عبده هو من أدرك قيمة الخفاجي وتعانقت الموهبتان على طريق الفن الصادق التعبيري.. كانا رفيقي درب فخطا في كتاب الفن السعودي أروع صفحات الفن التعبيري إبداعا وتألقا.
الخفاجى والوسام:
وأبو وجيه وعبر مسيرته الإبداعية الطويلة غنى للوطن وتغنى به في مناسبات عدة.. رصع تاريخه بالنشيد الوطني الذي يعتبر ملحمة شهدها وسيشهدها أحفاده والأجيال.. وتبقى خالدة ما بقي الزمن.. وأثرى الساحة الفنية بفيض من العطاء.. كان ما يميز شاعرنا الكبير أنه كان يلتقط الكلمة من على شفاه الأطفال والعامة.. ثم ينفخ فيها من حسه وإحساسه فتأتي روعة في الجمال.. تترجم الحس الإنسانى لأبناء وطنه فيتفاعلون معها وذلك في رأيي قمة الإبداع والخلق. وشكرا لخادم الحرمين الشريفين الذى أبى إلا أن يتوج هامة هذا المبدع بأعلى وسام.. وسام الملك عبدالعزيز وسط تظاهرة كبيرة من محبي الخفاجي وعارفي فضله..
استاذ شعراء الأغنية:
لقب خلعه عليه أحد رموز الشعر خالد الفيصل.. الذي فاجأه بزيارة كريمة في منزله أتت تثمينا لمشوار الخفاجي الطويل في ميدان الأغنية المعبرة .. وليس هذا بمستغرب.. وشكرا لمحمد عبده الابن البار الذي جسد معاني البر والوفاء.. وقد قيض الله الابن الزميل علي فقندش الذي جاء كتابه مسجلا تاريخ الخفاجي ويرصده في امانة وموضوعية ليكون مادة تثري تطلعات كل طلاب الفن وترسم بعدا حقيقيا لرحلة كفاح طويلة لرجل كبير.. ظل دائما متألقا وسامتا ومبدعا يمارس العطاء حتى آخر لحظات عمره، وعندي الكثير الذي أريد أن أقوله لأفي هذه الهامة الشامخة قدرها وحقها ولكن المساحة هي التي تحكمنا.. وحسبي جهد المقل.. متعه الله بالصحة والعافية وأحسن له الخاتمة.. وحسبى الله ونعم الوكيل.

للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 132 مسافة ثم الرسالة