-A +A
مصطفى زقزوق
النفس تستطيع أن تتأمل خسارة انقباضها وتجاوزاتها وأخطائها، وتستطيع بالتالي الخروج إلى مساحات السماح والانشراح.. وقدرتها على اغتسالها من ذنوبها وهمومها لتلتئم مع الرضا والقناعة وحسن الظن وتنقية الضمير لتستشعر الراحة والعافية والانطلاق بالرونق الأخاذ لمعانقة العواطف في كل لحظات الصفاء الإنساني بلا عتاب ولا موجدة ولا انفعال ولا خصومة والتوقف عند محطات التذكر لهذه الرحلة الدنيوية.. والتحذير من زلل اللسان واعتداءاته على كل قيمة ومعنى للحب.
والأسف أن تضطرب الكلمات في اصطدامها ببعض المواقف والظروف لنجد حروفها شظايا متناثرة لا يلملمها الوهم بعذر تستصغره المفاجأة المخيفة فتتبلد فيها الأحاسيس بأسباب تفاهات تتقلب بنا على نار لا نرى فيها عيب التجني محترقا وسط زفة مصطنعة قد يحسبها صاحبها الانتظار بفهم متعطل عن التمييز بين الصواب والخطأ ونسيان أن آداب الحياة توقظ في ذاتنا عواقب التحدي والتعدي والإصابة باختناقات تجعلنا صرعى في مساحاتها وتعزية العقل على إصابته بالاختلال وإنكار فضل السماح الذي يداوي الجراح ومعالجة فلسفة فارغة وخيال قاتم يغتال إنسانيتنا باختيارنا.

وكثيرا ما نقرأ ونستمع إلى كلمات عاطرة فنعمل على تشويهها ونعرض عنها بعد تشكيلها بألوان مختلفة وفق ما يعجبنا فنجعلها سوداء أو رمادية مع إضافة اشتقاقات كثيرة لخلخلات نرفضها أو نقبلها بالتنازل عن الحسنات فنتضاحك على تسابقنا في العقاب بدلا من اغتنام الثواب.
وكم يعبث بنا سوء الظن وتصفحات بليدة لبعض الجوانب في غيرنا لنحكم ببساطة على نسبة أحقاده وأنها تفوق المعدل تارة بصوت وأخرى بلا صوت كنوع من الذكاء وحنكة الدهاء.
وحينما نتمادى بالتوغل في أعماق تسميات شتى نضيق من الخوف ونستفيق على توحدنا الحزين وقد غامرنا بالوقار وبالحياء.
والحقيقة تبتدئ بمناقشة هفواتنا والالتفات إلى تصرفاتنا التافهة للتبرؤ مما كانت تخفيه ضمائرنا وتجاهل ليلة ليس بعدها نهار!
وهذه الشكوى في صوتها الخافت تنبيه إلى عنف المغامرة ضد الأخلاق الطيبة وتحذير من التنازل عن أسلحة التقوى المؤدي إلى سوء العاقبة.
ولأن الإنسان السوي في ماضيه وحاضره لا يبحث إلا عن مكاسب حسناته ومسراته.. وعن الحب النزيه والصبر على الصبر نفسه.. حتى لا يكون للهب الدموع ومواجهة صدمات عنيفة نهاية لتعاسة قاسية.
وعندما نناجي تاريخنا القديم بحلوه ومره؟ نستقبل إجابة معنويات نظيفة تقيم في وجداننا بأفراح لا تنتهي عند حد ولا تسمح بالتعامل بالضد فنتغنى بالابتسامة الرقيقة دون تغطيتها بالتلف أو الأسف!
لذلك لم يسكننا الحقد فنشيد السماحة في مكنونا، هو الود كيف لا وهذا حديث خريف العمر في طمأنينته نتفاعل بمسراتنا الغامرة وبلا عتاب من إساءة تصيب أهلها في صميم بسبب جهلهم لقدرهم. والخير الذي ينطلق من الذات يتدفق بنبض عواطف لها شبه ببراءة الأطفال ذلك عمر المبدأ.. وحتى الرمق الأخير.
دعاء:
رب أنعمت في الكثير من العمر ونجيتني من الأشرار
فاعفني اليوم من سؤال لئيم وقني في غد عذاب النار