-A +A
عبدالفتاح أبو مدين
في أواخر شهر المحرم 1430هـ، قال خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ــ حفظه الله وأعانه وسدد على الخير خطاه ــ قال: إنه يريد أن يكون مجلس التعاون الخليجي خيرا من الاتحاد الأوروبي، وهو الذي استطاع أن يتحد ويوحد عملته باليورو، وألغى عملات دول واستبدلت وفيها القوي مثل المارك الألماني، وأن ذلك الاتحاد برز سريعا بلا تردد لأن تلك الدول أدركت أن في اتحادها قوة لها مجتمعة متعاونة على مصالحها وأهدافها وطموحاتها، والاتحاد والتعاون قوة، ولن أذهب بعيدا إذا قلت إن مجلس التعاون الخليجي يملك مقومات الحياة بلا استثناء، في مقدمة ذلك دينها القويم الذي يدعوها إلى أن «تعتصم بحبل الله جميعا ولا تتفرق..» هذه الأمة لها مجد مزدهر سابق، فأمة لا إله إلا الله قادرة بحول الله وقوته على أن تكون قوة ليست ضد أحد، وإنما لتعزيز كيانها الذي لا ينقصه شيء سوى الإرادة ليصبح هذا الكيان الكبير مجتمعا ذا أيد.
هذه الأمة المسلمة قادرة أن ترقى رقي بناء وقوة مهيبة تعمل لشعوبها، بل لشعبها: «وإن هذه أمتكم أمة واحدة»، فلا يمنعها شيء أن تصبح كما كانت ــ «خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله..» هذه الأمة الخليجية تملك إرادتها إذا شاءت بحول الله وقوته، وهذا الطموح الذي أعلنه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله ليس عزيزا أن تكون دول مجلس التعاون الخليجي أمة واحدة.. وهذه الإرادة المجتمعة لا تمس أيا من كيانات دول مجلس التعاون بما يغيرها أو يقلل من شأنها، بل إنه سيجعل منها قوة لها لتحقق بحق مسماها ــ مجلس التعاون الخليجي ــ.. إن هذا الأمل والطموح يسعد هذه الأمة والشعب حين ترقى في مبناها ومعناها وتعاونها، وكله قوة فاعلة كما صنع الأوروبيون، لأنهم أدركوا بإرادة الطموح أن في تعاونهم الفاعل عائدة سيكون على شعوبهم الطموحة إذا ارتقت بالعلم، وهذا العلم كان لنا في أيام خلت، وما أخلقنا أن نستعيده لنمسي خير أمة على الأرض، لأننا نملك مكمن مقومات الرقي مما يهنئ ما يتطلع إليه شعب التعاون إذا تعاون وبدون تضحيات ولا خسائر، بل يرقى كثيرا بحياته لأنه يتملك مقومات هذه الحياة، أمة أزعم أنه لا ينقصها الوعي ولا الطموح الذي تراه وتتابعه عبر وسائل الاتصالات المختلفة وتلمسه حين ترحل إلى دول أوروبا التي اتفقت تلقائيا، فكانت مكاسبها في مختلف جوانب الحياة القوية والفاعلة والمؤثرة، وما أكثر ما نقول ونسمع أن الاتحاد قوة، ووسيلته ــ الإرادة ــ وصدق الشاعر القائل:
«إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة» ويردد الشاعر قوله: «بأن لا تتردد»، ذلك هو إرادة الحياة، والحق أمر عباده بالعمل، لأن العمل النافع المجدي ــ حياة ــ والحياة الحقة قوة لذويها! فهل هذه الأمة تريد وتحلم بأن تعيد سيرتها الأولى؟! تستطيع إذا شاءت بحول الله وقوته، والله يقول لعباده: «وقل اعملوا» ورسولنا صلى الله عليه وسلم وجهنا بقوله: «لا قول إلا بعمل، ولا عمل إلا بنية».. ما أسعد شعب مجلس التعاون الخليجي أن تتحقق أحلامه حين تتحقق إرادة قياداته التي تدرك بوعي أن التعاون إرادة تتطلب الإقدام لأنه حياة، ولأنه قوة تعود عليه برقي لا يفله الحديد.. أسأل الله السداد وتوفيقه جل في علاه..

للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 264 مسافة ثم الرسالة