-A +A
خالد بن هزاع الشريف khalid98alshrif@
•• كنت في حالة اعتكاف بخزانة كتبي المنزلية.. أقبل عليّ ابني «هاشم» ذو الـ16 ربيعاً متلألئاً وبين يديه قرطاس.. ماذا تكتنز من ينابيع يا بُني؟!.. أجابني والبسمة تملأ شفتيه: إنه كتابٌ يتحدث عن الطريقة السليمة لقراءة ماتعة يا أبي.. ربح هاشماً مني عناقاً عميقاً، فشعر بأعلى «بعقة حب» وكأنه ينتظر المناقشة معه كعادتي.. تركته ثواني يسترسل أفكاره؛ ماذا عساي أن أقول؟!.

•• غالباً ما تستعرض حواراتي مع أبنائي التجارب القديمة للورَّاقين بين شجن «القراءة» وشجون «الكتاب».. خطوة أريد منها الاقتراب من ذواتهم القارئة.. ولكي يثْمل أبناؤنا من لذة التجارب القرائية فلنقتحم دواخلهم بالعِبِر القيِّمة وإرضاعهم بالقِيم المُعبِّرة.. بهدف إنعاش أرواحهم بالمعرفة كالروائح الطيبة.. والإنسان القارئ المنتزع للكتاب تصعب هزيمته.. وحين سئل أحد العباقرة: لماذا تقرأ كثيراً؟ قال: «لأن حياة واحدة لا تكفيني».


•• لا يمكن إنكار أهمية القراءة في حياة الفرد والمجتمع.. فهي تجربة إنسانية وأسلوب حياة، غذاء للمعرفة وسعة للأفق.. متعة عُمُر ومفتاح سعادة، قوة ذاكرة وطلب مجد وبروز حكمة.. تمنح المزيد من الأفكار بإضاءة ما بين السطور بعيداً عن الجنوح إلى السطحية.. تسمح بالتفكير الإبداعي والارتباط بالمعرفة والثقافة في طريق رحلة الفكر المُمعِن.. وقيل: كلما ازدادنا قراءة كلما ازدادنا علماً بجهلنا.

•• إذن؛ فالمسافة بين القراءة والكتابة ليست شاسعة.. ولا يوجد كتاب لا يستحق القراءة.. ومن يهجر الكتاب يشعر بالوحدة، ولا يفهم الحاضر ولن يستشرف المستقبل.. ومن أراد إتقان تعريف الفكر فليعلن الحب على الكتاب، فقيمة الإنسان ما يحسنه.. ومن يقتحم مملكة الكتاب ليفتش عن الحرف التاسع والعشرين في الأبجدية العربية فسوف يعيش حضارة الأحرف والإحساس بها.. والصمت في حضرة الكتاب ثقافة.