-A +A
وائل بن عبدالعزيز WAILBARDI@
«مجاهد».. شاب ولِد بين روابي المدينة، وأكل من عجوتها، وشرب مِن آبارها.. والده عانى المرض ثم رحل عن ابنه الصغير «الطفل مجاهد» الذي كان في وقت أشد حاجة ليد تعبر به الطرقات، لصوت يدله على دروب الصواب، تاركاً له إرث ذكريات الأسى والوحدة ومرارة الفراق.. تلك حكمة إلهية هيأت شاباً لأن يحمل صفات الرجولة.

أما «حمزة».. فهو ذلك المربي الحنون، الذي كان مثل «الأب» لمجاهد، فأمسك بيده ليجتاز محن الحياة ويواجه المصاعب بالقوة والثبات، إذ كان «حمزة» يبدي «مجاهد» على نفسه، ويساويه ببقية أبنائه من نفس «الأم الرؤوم» محبة واحتراماً.


ظل مجاهد يقطنُ بحجرتهِ في عزلة تامة ليحيا بين ظلام فراق أبيه الراحل، وبين نور الأمل الذي استمدهُ مِن أبيه الآخر، وظل يعارك الحياة بقلبٍ مطمئن، فمن نصبه برغبته وبقراره تحت مسمى والدي لم يخذله يوماً، لا سيما أنه كان يعامله بحنية القاسي وبقسوة الرحمة، وكل ذلك نابع من قلب محب يرجو مِن الله الثواب أولاً، وأن يرى ثمرة حبه وإخلاصهِ ثانياً.

كبُر الشاب المبتسم «مجاهد» بخطوات واثقة، وصفات شهامة، مستقلاً بذاته، معتداً بنفسه، ساحراً للناس بأدبه، عوناً للمحتاج الغريب والقريب من ذويه، ثم رزقه الله بمولود جلب له السعادة، وأنساه معاناة مضت، واستعاد شريط ذكريات قديمة، ومن ذلك بدأ في تحمل مسؤولية تربية قادمة.

ولما أراد أن يسمي مولوده، لم يتردد بتسميته على رجل يفخر به بين الناس، إنه والده الذي رباه «حمزة»، حباً وعرفاً لرجل منحه الكثير من الحب والعطف والتربية.

شكراً لتلك الأم لرؤوم.. شكراً لحمزة الوالد الحنون.. شكراً لمجاهد عنوان الوفاء الذي تعلمنا منه درس «الوفاء باقٍ وإن خابت الظنون».