-A +A
ممود علي
نظرياً، بَنَت قطر مشروعها على إمبراطورية إعلامية تحاول من خلالها بسط نفوذها في المنطقة، رغم استحالة الأمر عملياً، نظراً لحجم قطر وتاريخها.

كان حلمها مبنياً على تفتيت السعودية والدول الكبرى لتتمكن هي من السيطرة عن طريق الأذرع الخفية داخل الدول وعبر الأقمار الصناعية.


حاولت قطر إزاحة الدول العربية الكبيرة لتتقدم إلى الصف الأول، ونوعا ما نجحت الخدعة لبعض الوقت وبسطت دعايتها وتصدرت المشهد بحجة دعم الديمقراطية أولا ومن ثم دعم الإسلام السياسي وحاولت تحييد مصر والسعودية وسوريا عن المشهد، خاصة مع انطلاق موجة الربيع العربي وكانت لها أذرع من العملاء في كل الدول العربية تقريبا وحتى في دول خارج المنطقة العربية.

مع نهاية وهم ما يسمى بـ«الثورة» القطرية وفشل المشروع الطائفي الذي تبنته قطر في سوريا وصمود مصر وانتباه السعودية، خاصة بعد تسريبات القذافي بدأت قطر تدفع ثمن بعض أفعالها التي ظلت خفية طوال الوقت.

تم أولاً كشف الكثير مما أرادته قطر أن يبقى سرا، حيث أصبح دعمها للإرهاب حديثاً مشاعاً، بعد أن استطاعت التغطية عليه طيلة عقدين من الزمن، ثم شكلت دول عربية تحالفا لمقاطعتها حتى تعود إلى رشدها، بدأت الدول الأربع ولأول مرة بالرد على قطر سياسيا وإعلاميا.

حين أحست الإمارة الصغيرة بوطأة الضغط وصعوبة المواجهة، قامت باستدارة لافتة، تبنت الإمارة مشروع التوسع التركي وعادت إلى الصفوف الخلفية كداعم وممول لأطماع تركيا وإيران في المنطقة العربية.

بعد سنوات قليلة، تجد قطر نفسها اليوم مجرد تابع وكومبارس للمشروع العثماني الجديد، وبعد أن كانت تركيا مجرد لاعب في يد قطر أصبحت تركيا هي المتسيدة للمشروع، ومهمة قطر هي الدفع فقط، وهكذا تحول ولاء المرتزقة وجميع الفصائل المسلحة في سوريا وليبيا والصومال من قطر إلى تركيا، وأصبحت هذه الأذرع تدار مباشرة من طرف المخابرات التركية، وحتى الجزيرة أصبحت هناك خطط لنقلها إلى تركيا، فالعثماني لا يحتمل الرأي المخالف ولو كان من أقرب الحلفاء.. ولنتذكر كيف تم إغلاق الجزيرة تورك بعد بثها تقريرا واحدا غير مهني حسب تعبير النظام التركي.

تم إفراغ قطر من محتواها ومشاريعها الوهمية تحولت إلى مشروع عثماني وميليشياتها تم تحويلها إلى أذرع تركية، وبقيت هي تصارع تهم الإرهاب والمشاكل الاقتصادية الناجمة عن المقاطعة، إضافة إلى الابتزازات التركية المالية، وآخرها 15 مليار دولار تم دفعها لدعم الليرة التركية، في الوقت الذي تقتطع قطر رواتب المعلمين نتيجة العجز المالي.

إذن، بعد عشرين سنة من الاستثمار في الإرهاب والارتزاق تعود قطر إلى المكان الذى انطلقت منه مثقلة بإرث كبير من دعم الإرهاب وزعزعة أمن الدول والتآمر على القريب والبعيد.

فهل ستنقلب قطر مجددا على تركيا كما فعلت مع القذافي والأسد وما هو مصير الإخوان المسلمين وجيش الدراويش حين يحتدم الصراع بين الدولتين؟ خاصة أن بعض الخلافات ظهرت انعكاساتها علناً على مرتزقتهم في لندن وإسطنبول.

كاتب موريتاني

@memoud85