-A +A
عبداللطيف الضويحي
قبل أن يصبح للثقافة وزارة، عانت الثقافة من الإعلام حتى الذوبان فيه مفهوما وإدارة، وظلت كذلك ردحا من الزمن، باستثناء ما كان يعرف بالفقاعات الثقافية الموسمية مثل المهرجانات، لكن هذا لم يكن بعيدا ولا بمعزل عن الصورة الملتبسة للثقافة في الوعي الاجتماعي العام. حيث الجدل والجدال الذي يصعد ويخفت من حين لآخر بين النخب حول جنس الثقافة وهويتها وعلاقتها بالعلوم والفكر والفنون والأدب والآثار والتربية والتعليم وبالحياة ككل.

من اللافت حضور البعد الثقافي على استحياء في المشروعات الكبيرة والمهمة مثل مطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة، والذي افتتح مبناه الجديد مؤخرا! فهل هناك معرض للفنون الجميلة أكبر وأهم من هذا المطار بمرافقه وردهاته ومساراته وممراته وصالاته؟ إن مطارا بحجم وبحيوية وبأهمية مطار الملك عبدالعزيز لا يعد مطارا فحسب، إنه ملتقى ولقاء، حيث 40 مليون مسافر في السنة، وحيث مساحة صالات المسافرين تتجاوز 810 آلاف متر مربع، وحيث المناطق الاستثمارية تتجاوز مساحتها 20000 متر مربع، وحيث 10 قاطرات تعمل كشريان بين مرافق المطار، وحيث صالات ركاب الدرجة الأولى ورجال الأعمال، حيث فندق للمسافرين المواصلين رحلاتهم، وحيث 220 كاونترا لكافة شركات الطيران وعشرات أجهزة الخدمة الذاتية الذكية بما يعنيه ذلك من فضاءات ومساحات يمكن توظيفها ثقافيا وفنيا.


رغم اللمسات الفنية الجميلة في مطار الملك عبدالعزيز، يحق لنا أن نتساءل: لماذا تحضر الفنون المحلية والعربية والإسلامية على استحياء في أهم وأكبر بوابة يعبرها ويعبر من خلالها ملايين الحجاج والمعتمرين سنويا؟ ولماذا غابت فنون الخط العربي ولوحاته ومجسماته عن هذا المطار في سنة الخط العربي؟ أليست هذه هي البوابة التي تضع البصمة الانطباعية الأولى لدى كل حاج ومعتمر؟ كيف غابت القباب الإسلامية المزخرفة بجماليات الخط العربي عن صالات بوابة الحج والعمرة الأولى ناهيك عن الجداريات والمنحوتات العربية الإسلامية تتخلل ردهاته المترامية ومساراته الممتدة؟

أخيرا، الصورة لا تزال جميلة في مطار الملك عبدالعزيز الجديد، حيث يزخر بالعديد من المحتويات واللمسات الفنية المحلية المعبرة والتي تعبق بتاريخ المكان عبر الزمان لمدينة جدة ومكة المكرمة يشكر عليها القائمون على المطار وهيئة الطيران المدني والمصممون والمهندسون. وفي المقابل، جهود وزارة الثقافة واعدة، وننتظرها ونتوقعها في العديد من المطارات والمشروعات العملاقة التي تزخر بها البلاد بكل مدنها ومواقعها. فالثقافة كما هو معلوم تنبع من الشعوب، والذائقة العامة تتشكل في منتصف الطريق عند ملتقى كافة الذائقات الفردية الفئوية، فلماذا لا تستطلع وزارة الثقافة الناس عن نوع وحجم وقيمة الأبعاد الثقافية والفنية وتقف على آرائهم وذائقتهم، وتستفيد من آرائهم؟

كاتب سعودي

Dwaihi@agfund.org