-A +A
حسين شبكشي
أسبوع حافل. هكذا بدأ محدثي الذي يزور السعودية بعد طول غياب حديثه معي. التقيته في أروقة معرض جدة الدولي للكتاب. بدأ الرجل في حالة ذهول كامل من عناوين الكتب المعروضة. من كان يتوقع ويحلم برؤية مؤلفات ابن رشد وابن عربي وابن حزم وعلي عبد الرازق ومعهم كافكا وكانط وهيجل وسقراط وأفلاطون وأرسطو. كان قديما معارض الكتب أشبه بطبق اليوم، نفس الطبق بذات المقادير ونفس طريقة الإعداد ونفس النكهة، أما ما يحصل اليوم فهو «بوفيه» ثري ومتنوع مليء وغني بالخيارات المختلفة. حق الاختيار دون الإجبار. يا لها من خطوة جبارة. تتطفل أحد الحضور في المعرض لدى أحد العارضين، وقام بالاعتراض على بعض كتبه بحجة أنها «مخالفة للدين»، فقام بشكواه لمندوب وزارة الثقافة الذي قال له بأسلوب حضاري ومهني ونظامي:

«لقد اطلعنا عليها وأجيزت». شتان الفرق بين ما حصل اليوم، وما كان يحدث قديما. تناولنا القهوة سويا، والرجل مصرفي عربي مهاجر فتطرق معي بالحديث عن الحدث الأهم في سوق البورصة، وهو اكتتاب أرامكو الأخير. قال لي: السعودية نجحت في إنجاز الاكتتاب الذي تعرض لحملة من التشكيك والأكاذيب ولكنها صمدت وأنجزت الحلم والهدف في سوقها المحلي «تداول». من المهم جدا أن تستغل السعودية هذا الحدث التاريخي لتجعل من «تداول» أداتها الأساسية في جلب الاستثمارات الأجنبية إليها. فاليوم بعد أن أصبح سوقها التاسع عالميا، وبه الشركة الأكبر من الممكن أن تكون نقطة الجذب لشركات عربية وإقليمية كبرى ترغب في طرح أسهمها بشكل مباشر أو طرح مزدوج مع سوقها الأساسي. هناك شركات عربية من شمال أفريقيا والأردن ولبنان والعراق والسودان وبنغلاديش وإثيوبيا وغانا والسنغال ورواندا من الممكن أن تجد ملاذا لها في سوق تداول لو تم تغيير أسلوب التفكير فيها من بورصة تقليدية إلى أداة جاذبة للاستثمار الأجنبي. السعودية تعيش حالة تغير مستمر وهناك الكثير من التحسينات الممكنة التي تجعل من هذا التغيير العظيم ذا فعالية أكبر وبالتالي نتائجه أفضل.


* كاتب سعودي

hashobokshi@gmail.com