-A +A
أريج الجهني
«المرأة إذا كشفت وجهها وشم الرجال عطرها فهي زانية، فالمرأة إذا كشفت وجهها كهذه الزانية» قال هذه الكلمات ثم خلع حذاءه وقذف به وجه الفتاه، تسابقت فورا صحيفة محلية بعنونة هذه الجريمة بأنه «مريض نفسي»، وأنا أطالب النيابة العامة بمحاسبة الصحيفة التي افترت على المرضى النفسيين وجعلت المرض النفسي وصمة عار، أين وزارة الصحة عن محاسبة الإعلام في الإفراط في التهويل والشتم للمرضى النفسيين؟ وإلصاق كل التهم اللا أخلاقية بهم؟ المريض النفسي له حقوقه والتي أهمها أن لا يتم تشبيهه بهؤلاء الآفات الذين قفزوا فوق سلطة الدولة وفوق سلطة الدين فهو إن كان يعلم أنها زانية، بحسب قذفه، لماذا لم يذهب للمحكمة؟ وبحسب الدين فالزنا لا يثبت إلا بأربعة شهود، فكيف حكم على فتاة تسير في حال سبيلها؟.

مهاجمة كشف الوجه ثقافة متأصلة زرعتها المناهج التعليمية، ولا أعلم هل ما زال درس كشف الوجه الذي درسناه في الخامس ابتدائي والمرحلة المتوسطة موجودا؟ فقبل أن نستغرب من هذا التطرف علينا أن نتحدث بالحقائق، فالمناهج في وقت ما كانت تغرس في العقول احتقار المرأة وإهانتها، ربما حدثت بعض التحديثات لكن ماذا عمن تشربوا هذه التطرفات وما زالوا يمارسونها على أهاليهم؟ كم عدد المرات التي يمارس فيها العنف اللفظي والجسدي ضد المرأة من قبل المجتمع؟ بل كم عدد النساء اللاتي تم قتلهن هذا العام؟ الذي نشر في الصحف المحلية يفوق العشرات في عام ٢٠١٩ فقط! ولا تعلم هل هذا القتل جاء كردة فعل عنجهية وسامة على الإصلاحات الحقوقية التي فرضتها الدولة للمرأة أم هو تمرد على الحكومة وتجنٍ على النساء.


في حين يحارب العالم ويحتفل بمكافحة العنف ضد المرأة (١٦ يوما دون عنف) ويقدم البرامج التوعوية، اكتفت هيئة حقوق الإنسان بإقامة ورشتي عمل (فاخرة بحسب ما ظهر في الصور) ولعلية القوم والطبقة المخملية ومنسوبيها فقط ولم أشاهد أي فئة من عامة الشعب أو حتى كتاب الرأي، والصحفيين، كانت ورشة برستيجية لا يمنع أنها طبطبة وتلميع، لكن هذه التلميعات تجعلنا أضحوكة أمام العالم، فدور الجهات الحقوقية ليس اعتلاء المنابر بل النزول للشارع والإفصاح بشكل معلن عن أرقام وأعداد الضحايا للعنف والقتل في المنازل والمدارس، لا أتصور أن رجلا عبقريا كمحمد بن سلمان، حفظه الله، سيقبل أن يضع ثقته في أي جهة من الآن فصاعدا وهي لا تمارس دورها المأمول في تحقيق الرؤية.

حذاء ينبع ووجه الفتاة رمزية كنا نتصور أنها انتهت أو على الأقل خفتت، إلا أن التطرف ما زال قابعا في الأذهان، وهكذا يتم التجني على صورة المملكة وتنتشر هذه المقاطع المسيئة ويتقاذفها الأعداء، لهذا من المهم معاقبة من ينتج محتوى تمييزيا ضد المرأة أو أي تعنيف، نحن نتحدث عن قمة العشرين ونتحدث عن اليونسكو، نتحدث عن علم واقتصاد وأرامكو وترفيه وخير ممتد، كيف سيأتي السياح وهم لا يأمنون أن تقذف نساؤهم بالأحذية؟ أو يشاهدون بنات البلد مستضعفات ومضروبات ومعنفات! كيف ستعتلي الفتاة السعودية المنبر لتتحدث عن المستقبل والعالم يشاهد هذه المقاطع التي واضح جدا أن هناك من يتعمد تداولها وتعزيزها، فكروا جيدا من هذا الفريق الذي يقف خلف هذه الملفات؟ ومن هذا الذي يريد زعزعة ثقة المواطنين والمستثمرين بالحكومة؟ وستعرفون جيدا ماذا يريدون.

* كاتبة سعودية

areejaljahani@gmail.com