-A +A
حمود أبو طالب
«لقد مضى وقت طويل والعرب مجرد «ظاهرة صوتية» فهل دقت ساعة العمل؟ إن كل الأوراق المكدسة من المنتديات والمؤتمرات لن تفلح في تغيير الواقع المر ما لم تخرج مشروعاتها إلى النور.. إني أناشد مراكز صناعة القرار العربية الحكومية والأهلية أن يستثمروا نتاج هذه الدراسات الجادة التي عكف عليها ألمع المفكرين، وأن ينقلوها إلى مرحلة التطبيق، وإلا فإن سياسة حرث البحر ستظل تقودنا إلى المجهول».

وجدت هذه الكلمات الحارقة المكتوبة بحبر الألم في تقرير لمؤسسة الفكر العربي خلال مؤتمر فكر السنوي الذي عقد الأسبوع الماضي بمركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي بالظهران (إثراء)، وقائل الكلمات هو رئيس مؤسسة الفكر العربي الأمير خالد الفيصل أثناء انعقاد المؤتمر التأسيسي الأول «فكر» بالقاهرة عام 2002، أي أنه قد مضت 17 عاما على هذه الصرخة الصريحة المدوية الخالية من المواربة والمحسنات اللفظية والمجاملة، فهل يا ترى استجيب لها ولو بأقل القليل، بل يا ترى هل سمعها أحد؟ نحن نعرف واقعنا العربي جيداً، ومن مساوئه أنه فقير في مجال الأبحاث والدراسات الجادة، وتنقصه المراكز المتخصصة في صناعة الأفكار والإستراتيجيات، ولكن مع ذلك فإن كياناً كمؤسسة الفكر العربي قامت منذ نشأتها إلى الآن بدراسات علمية منهجية عميقة في جوانب مهمة تتعلق بالتنمية البشرية كالتعليم والثقافة والفكر والاقتصاد وثورات التقنية وصولاً إلى الذكاء الاصطناعي كما حدث في مؤتمرها الأخير، يشترك فيها علماء بارزون وشباب متخصصون موهوبون من كل دول العالم العربي. وتصدر هذه الدراسات في تقارير سنوية ثرية بالمعلومات والنتائج والتوصيات توزع على كل الجهات المعنية في الدول العربية، ولو تم استثمارها بتطبيقها لأمكن حل كثير من المشاكل المزمنة المتراكمة التي تمضي إلى الأسوأ.


لدينا عقول عربية فاخرة التفكير، قادرة على تشخيص مشاكل واقعنا باقتدار ووضع حلول لها والتخطيط لمستقبل أفضل، لكنها إما مهملة معطلة، أو محبطة بسبب عدم الالتفات إلى محاولاتها لانتشال الواقع العربي من ترهله.

وبالاستمرار على هذا الحال سيمضي وقت أطول والعرب ما زالوا ظاهرة صوتية، بل إن المشاكل المضافة التي استجدت على واقعهم في الآونة الأخيرة ربما تجعلهم «ظاهرة موتية» لو لم ينتشلوا أنفسهم.

* كاتب سعودي

habutalib@hotmail.com