-A +A
ماجد قاروب
يشهد العالم ثورة تقنيات الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي، التي أصبحت محور تركيز العديد من الدول في الآونة الخيرة، ولا سيما أن المستقبل الواعد لها يدعو إلى خلق قيم وفرص اقتصادية جديدة في العديد من المجالات الاقتصادية.

ولا يزال الذكاء الاصطناعي حتى اليوم موضوعا يصعب فهمه بالكامل نتيجة لطبيعته وتطبيقاته المختلفة، ومن المهم أن نعرف المخاطر والآثار المرتبطة بهذا النوع من التقنية لكي نستطيع التعامل معه من الجوانب التشريعية والقانونية.


أما المخاطر الاقتصادية؛ فمن المعروف أن الذكاء الاصطناعي يرفع الإنتاجية التي هي مقياس لمدى كفاءة المنشأة لتحويل مدخلات العمل إلى مخرجات كالبضائع أو الخدمات، ويزيد جودة المنتجات وأنواعها ويزيد العائد المالي.

لكن سوء الاستخدام من بعض الشركات الكبرى قد يسبب تقليل دور الشركات الصغيرة والمتوسطة مما يصل إلى انتشار البطالة والكساد الاقتصادي، إضافة إلى اتساع الفارق بين طبقتي الأغنياء والفقراء والتفاوت في العائد الاقتصادي ما بين المدن والقرى لاختلاف اعتمادها على التقنية.

وأما عن المخاطر السياسية فإن تقدم تقنيات الذكاء الاصطناعي يؤثر بشكل مباشر وغير مباشر في سياسات الدول، حيث إن توفر التقنية وسهولة تطويرها والحصول عليها دون وجود قوانين تحكم شركات التقنية الكبرى قد يؤدي إلى توسع التهديدات المرتبطة بالأمن والسلم الدوليين.

أما المخاطر السيبرانية فتنجم عن تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتتمثل في هجمات إلكترونية ستكون أكثر فعالية وعلى نطاق أوسع من ناحية عدد المهاجمين أو عدد المستهدفين، وستتسم بأنها مستهدفة بعناية وصعبة التتبع وتفتح ثغرات لهجمات مستحدثة.

أما المخاطر الاجتماعية والنفسية، فقد انتهكت شركات التقنيات الكبرى بالفعل الحقوق الفردية بسبب ضعف التشريعات الحاسمة ونستدل على ذلك بالكوارث التي شهدها التوسع في الإنترنت سابقا.

وتأتي مرحلة التشريعات وذلك عن طريق سن القوانين والحوكمة والتتبع الرقابة.

وسن القوانين لفرض تجنب التحيز البشري مثل تجنب استخدام بيانات العرق أو الديانة، ولوضع المعايير وعدم الاعتماد على معيار محدد في تقييم أداء الأنظمة الذاتية، ولفرض شهادات اعتماد، ولتعليم أخلاقيات الذكاء الاصطناعي.

والحوكمة للحد من مخاطر الهجمات الذكية لتكون أنظمة الحماية ذكية بالقدر ذاته على الأقل لتستطيع التنبؤ بنمط الهجمات القادمة وتتصدى لها بتجاوب دفاعي عن طريق فرض المكافآت المادية للكشف عن الثغرات المحتملة، وفرض أنظمة على الموزعين ونقاط البيع، وزيادة وعي مستخدمي الأنظمة الذاتية، ووضع آلية ومنهجية لسلسلة توريد البرمجيات، وتوفير آلية للتدخل اليدوي.

والتتبع والرقابة بالاستثمار في أبحاث الذكاء الاصطناعي وتطوير قوى عاملة بحيث تكون أكبر وأكثر تنوعاً، ودعم برامج الأمان الاجتماعي والاقتصادي، وسن قوانين للمسؤولية، وفرض السياسات الخاصة لبناء أنظمة ذكاء اصطناعية قائمة على القيم وموازنة التعليم ما بين التكنولوجيا والعلوم الإنسانية.

* كاتب سعودي