-A +A
طارق فدعق
يرمز عنوان المقال إلى معنى القديم أو المتهالك. وعندما نفكر في هذا المصطلح، أول ما يخطر على بالنا هو العمر الافتراضي الهندسي للسلعة المعنية، نتخيل عادة تقادم الشيء ليصل إلى ما يجعل التقاعد أو إيقاف الاستخدام بالكامل هو أفضل الخيارات. ونشهد اليوم بعض المفاجآت في تسارع الوصول إلى حال «الجربدة» أو «البهذلة القصوى»، وبالذات في ما يتعلق بالتقنيات الحديثة التي صُمم بعضها ليصبح قديماً خلال فترات وجيزة جداً... وكأن الشركات المصنعة خططت لإقناعنا بأن المنتجات التي كانت في الريادة في الأمس ستصبح قديمة وبالية غداً. ومن أفضل الأمثلة على ذلك نجد الهواتف المحمولة التي تصبح قديمة في لمح البصر بالرغم أنها تخدم لسنوات طويلة بإخلاص وبدون أي مشاكل.

وهناك بعض المنتجات التي تصل لحالة «القرمبع» قبل أوانها لتفاجئ الشركات المصنعة، والمستهلك، والمستثمر على السواء. ومن أفضل الأمثلة على ذلك نجدها في عالم الطيران التجاري، وبالذات في طائرة الايرباص 380. هي أكبر طائرة ركاب في العالم اليوم. ليست في الطول... البوينج 8-747 أطول منها بما يعادل طول التويوتا «يارس». ولكنها القبضاي الأكبر في حمل الركاب فهي تستطيع أن تستوعب 868 راكباً كأقصى حد، علماً بأنها في الغالب تحمل من 550 إلى 600 راكب... وهذه أكبر حمولة ركاب لأي طائرة مدنية في التاريخ. ومنذ أن بدأت الخدمة مع شركة الطيران السنغافورية في أكتوبر 2007 تم بيع حوالى 240 طائرة منها وحصة الأسد لطيران الإمارات الشقيقة التي تشغل حوالى 112 طائرة حالياً. ولو زرت مطار دبي ستشعر أنك في مصنع إنتاج هذه الطائرات العملاقة فهي في كل مكان. تجدها جاثمة على أرض المطار. أو صاعدة إلى الجو، أو هابطة. وتذكرك بأهمية صناعة النقل الجوي كأحد المحركات الرئيسة لاقتصاد المنطقة وليست كمجرد خدمة داعمة لذلك الاقتصاد الكبير. وللعلم فكان مفروضا أن تطلق شركة ايرباص اسم «الإماراتية» على تلك الطائرة العملاقة للأسباب التالية: أولاً هي التي حركت إنتاج الطائرة عام بطلبيات كبيرة يسرت جدواها الاقتصادية، وثانياً هي التي أنقذت إنتاجها أكثر من مرة بسبب ضعف الطلبات العالمية عليها وبالذات قبل عامين. طيب وما علاقة كل هذا بموضوعنا؟ الإيرباص 380 أصبحت قرمبعاً قبل أوانها بسبب اقتصاديات تشغيلها. بدأت الطائرة تحال على التقاعد قبل أوانها فأرسل بعض منها إلى «التشليح» بسبب نهاية فترة إيجارها، وعدم وجود أي شركات ممن لديها القدرة والرغبة على اقتنائها. وجاءت الضربة القاضية في معرض دبي للطيران خلال الشهر الماضي عندما أعلنت شركة طيران الإماراتية عن وصول عدد هذه الطائرة العملاقة الى مستوى التشبع. وتم تحويل طلبيتها المستقبلية لشرائها الى الطراز الأصغر حجماً وهو الايرباص 350.


أمنية:

فتحت بمشيئة الله الطائرات العملاقة آفاقاً اقتصادية جديدة للسفر الميسر للعالم. وبالنسبة لنا في الوطن، جعلت شرف خدمة الحجاج والمعتمرين يصل إلى المستويات الهائلة التي نشهدها الآن لأن معظم القادمين لأداء المناسك يصلون جواً. واليوم بدأت تحال الايرباص 380 إلى التقاعد المبكر بالرغم من شبابها النسبي بسبب اقتصاديات تشغيلها. أتمنى أن توفق شركات الطيران في استخدامها لنقل الحجاج والمعتمرين مستقبلاً بفعالية وسلامة وبتوفيق من الله،

وهو من وراء القصد.

* كاتب سعودي