-A +A
مي خالد
يدهشني نموذج الأب المصري في الدراما والأفلام المصرية ويقنعني أنه انعكاس حقيقي للواقع.

بالرغم من عيوب الشخصية المصرية التي تتقاطع بالتأكيد مع عيوب شخصية الإنسان العربي عموما، إلا أن الأب المصري يتفوق في ظني على جميع الأدوار الاجتماعية الرجالية والنسوية في آن في الحياة الفعلية وليس فقط في الدراما.


لا يمكن تصور حجم التضحية التي يقدمها الأب المصري الذي يسافر للخليج أو ليبيا ليبعث لأطفاله مصاريفهم الدراسية ويظل مغتربا وحيدا لسنوات كي يعود وقد شاب وانحنى ظهره، لكنه بكل سعادة اشترى لأبنائه الذين أصبحوا شبابا وشابات بيتا أو شقة في مكان راقٍ في أحياء مصر الجديدة. وكيف يلتف حوله أبناؤه ويجعلون منه الناصح الحكيم وحمّال الهموم. ثم (يجهز) بناته ويدفع ثمن شبكة لزوجات أولاده.

هذا بالنسبة لصورة الأب المتعلم في الدراما المصرية، أما الأب الشعبي صاحب الحرفة أو المهنة البسيطة فهو مغلوب على أمره وغلبان وينزل كل يوم صباحا قبل شروق الشمس جاريا وراء قوت عياله في مهنة بسيطة تأكل صحته وشبابه حتى يعود مساء لبيته حاملا في يده بطيخة أو في الأيام الموسرة حاملا كيلو كباب وكفتة.

صورة رائعة كبرنا عليها واقتنعنا بها ثم عاصرناها في حياتنا اليومية من الأشقاء المصريين الذين يقيمون بيننا.

هذه صورة رائعة ومنصفة، لكن هل نستطيع أن نقارنها بصورة الأب المستبد السكير الظالم في الدراما الخليجية التي يتفنن مؤلفوها ومخرجوها في تصوير مشاهد العنف التي تدور بين الأب والابن الشاب الذي يتلقى كفا على وجهه من أبيه الذي سيطرده من البيت في المشهد التالي. أو صورة الأب الذي يسحل ابنته من شعرها عابرا بها رخام البيت وبلاطاته وقد سال الدم من أنفها، وهناك صورة ذهنية تتكرر للأب الثري الذي يعامله أبناؤه معاملة البنك المتنقل دون أي عمق لشخصيته أو ثأثير على الأبناء.

كم هو فرق شاسع بين الصورتين وبين الوالدين وبين الدراما في المنطقتين أيضا.