-A +A
ريهام زامكه
يسير الغزل مع الحياة أينما سارت، طالما يوجد على وجه الدُنيا ذكر وأنثى، فالله عز وجل منذ خلق الجنسين وضع في كليهما صفة الانجذاب نحو الآخر، فالذكر يعبر بحرية أكبر عن ذلك الميل، بعكس الأنثى التي قد تُلمح ولا تُصرح، وهذه هي الفطرة الإنسانية التي جُبلنا عليها جميعنا، يا (حلوين).

وقد احتل فن الغزل الاهتمام الأكبر لدى (الإسباني) عفواً أقصد الشاعر العربي منذُ الجاهلية، حتى (هايط) وبالغ البعض منهم في وصف محبوبته وصورها وكأنها (آخر حبة) من أجل أن يخطُب ودها وحبها ورضاها.


فكان الشاعر يستهل قصائده بفن الغزل، ويكتب بعدما يقف على أطلال الحبيبة وتشتعل (قريحته) الشعرية ويعبر عن مدى جمالها، وهيامه بها، ولوعته في حبها، ومعاناته الشديدة في مقاساة ذلك الحب الذي (شلع) فؤاده.

وشعر الغزل كما نعلم ينقسم إلى نوعين، هما: الغزل العذري والغزل الصريح، وكلاهما يقومان على التغني بالجمال ووصف مشاعر الشوق وألم البُعد، ولا يختلفان إلا ببعض التفاصيل.

لكني اليوم لستُ بصدد تعريفه، وشرح أنواعه، ومراحل تطوره، وذكر أبرز فرسانه وكأني مُعلمة لغة عربية (تافلة العافية) ومُتقاعدة، بل أتساءل من يتقنه أكثر يا تُرى، الرجل أم المرأة ؟

سترجحون جميعاً مثلما رجحت كفة الرجل؛ لأنه الرجل والشاعر والرومانسي والمقدام الذي حاك قصائد الغزل بالمرأة وغناها وأرسلها ورددها على مر العصور.

لكن الدراسات تقول إن المرأة تتفوق على الرجل في فن الغزل وتتقنه أكثر، ويصدق على كلامي ويحلف لكم عليه الأستاذ (مايسترو) وهو أحد فطاحلة علم النفس.

فيقول (الأستاذ) إن المرأة هي التي تضع النوتة وتكتب السيناريو؛ لأنها وحدها من تحدد وجهة سير العلاقة الرومانسية مع الرجل الذي يتفاهم معها كثيراً ويغدق عليها بالمشاعر (شعرورة شعرورة) كما تغدق هي عليه.

ومن جهة أخرى أكدت باحثة في علم النفس أيضاً نظرية الأستاذ (مايسترو) وقالت: لا علاقة للرجل بأسلوب المغازلة والتودد بالطرف الآخر إلا في بداية العلاقة فقط، وهذا الأسلوب الذي يعتمدون عليه لسلب المرأة قلبها وما تبقى من عقلها، ثم يتجاهلونه مع مرور الوقت لاعتقادهم أن دورهم فيه قد انتهى بمجرد استحواذهم على المرأة كزوجة لهم، فيأتي من بعد ذلك دورها هي في إنعاش الحياة وقلب زوجها من الرتابة والوحدة والملل.

والفن الحقيقي هو قدرة الشريكين على العطاء والتواصل عاطفياً بشكل دائم، فكلمات الإعجاب والتودد والحب والغزل تضفي على العلاقات بعداً معنوياً وعاطفياً عميقاً لا تهزه ضغوط الحياة ولا تتمكن منه.

وبهذا أنصحكم رغم أني لا أحب (النصاحيّين) ولستُ منهم، حبّوا بعضكم، وتوددوا لبعضكم، وغازلوا بعضكم غزلاً عفيفاً طاهراً بما أحل الله لكم مع (قواريركم) فقط، واتركوا عنكم الخيانة، وفراغة العين، وقوارير الناس (والبربسة).

هل تذكرون (الكائنات) الخنفشارية التي كانت تصول وتجول في الميادين والشوارع والمولات -قبل سَن قانون التحرش- وتضع على رؤوسها الأشمغة بطريقة (الكوبرا) لتتميلح وتلاحق بنات خلق الله وتؤذيهن... اييييه دُنيا.

على أي حال، في مجال يا غزال ؟

* كاتبة سعودية

Twitter: @rzamka

Rehamzamkah@yahoo.com