-A +A
حمود أبو طالب
يوم أمس الثالث من ربيع الأول يسجل مرور خمس سنوات على بدء المشروع التأريخي بتدشين السعودية الجديدة منذ تولى قيادتها الملك سلمان بن عبدالعزيز، وهذا الوصف ليس مجازاً بل حقيقةً عملية واضحة مؤكدة. كل المراحل السابقة كانت عظيمة بإنجازاتها عندما تؤخذ ضمن سياقاتها وظروفها ومعطياتها لكن ربما كان بعضها بطيء الإيقاع نوعاً ما، ومتردداً في تجاوز بعض الحواجز والقفز على بعض العقبات التي تم تضخيمها بالفكر الإداري والاجتماعي السائد خلالها.

ما حدث خلال السنوات الخمس الماضية لم يكن ليتوقعه أكثر المتفائلين لدينا أو المتابعين للشأن السعودي في الخارج، فقد اتضحت روح المبادرة الجريئة المدروسة منذ الأيام الأولى للمرحلة السلمانية، القضية لم تكن الاشتغال بالهوامش والمظاهر والشكليات والتغييرات الجانبية، بل كانت التعامل مع صلب فكر إدارة الدولة على كل الأصعدة بشجاعة وثقة وإدراك كبير لأهمية عامل الوقت، مع وعي وقدرة على إدارة نتائج التغيير دون حدوث اهتزازات وارتدادات على البنية الجوهرية للدولة والمجتمع، وعند ذكر المجتمع تلزم الإشارة الى أن ما تم أخذه في الاعتبار والحرص عليه هو القيم الاجتماعية السوية المعتدلة التي تمثل المجتمع الإنساني المسلم الطبيعي وليس ما تم إدخاله عليها من غرائب وعجائب الغلو والتشدد الضار.


إن الشجاعة والإقتدار تتمثل في قرارات التغيير سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وإعادة هيكلة أجهزة الدولة بأكملها عبر مشروع متكامل مزدحم بالاستحقاقات خلال فترة مليئة بالتحديات الكبرى، داخليا وإقليميا ودوليا، وفي خضم استهداف ممنهج لتعطيل مشروع السعودية القوية الرائدة، فليس من السهل بدء وإدارة مشروع مستقبلي هائل بكل ما يتطلبه من احتياجات وتركيز في العمل، ومع ذلك تتطلب الظروف مواجهات كبيرة لحمايته تستنزف كثيراً من الموارد والجهود، هنا يكمن سر النجاح وجوهر الإرادة.

لقد بدأنا المشوار الذي لن يتوقف وبدأنا نلمس النتائج المبهرة، مررنا بتحديات كبيرة وينتظرنا المزيد منها، لكن من ينظر الى المستقبل بشغف وإصرار قادر على تجاوزها بنجاح.