-A +A
علي فايع
الصوالين الثقافية، والمنتديات، ومجالس الأدب الخاصة، لها دور كبير في تثقيف المجتمع، وتشكيل وعيه، وهي مع الأسف الشديد في منطقة عسير قليلة جداً، إن لم تكن نادرة، ومنافذ الوصول إليها (إن وجدت) صعبة وعسيرة !

لم يعد هناك متنفس للثقافة في المنطقة، باستثناء المؤسسات الرسمية، كنادي أبها الأدبي، وجمعية الثقافة والفنون، وهاتان المؤسستان بشكل عام ينفر منهما كثيرون، لأسباب ربما ليست مقنعة؛ بحجة أنهما لا تتفاعلان مع الجمهور كما يجب، أو لا تكونان متجاوبتين معهم بما يغري بالحضور والتفاعل، ومع إيماني الكبير بعدم وجاهة مثل هذا الرأي، إلاّ أنّ هناك من لا يتصالح مع الرسمية في أحايين كثيرة، لأنها لا تكون جاذبة لمرتاديها، ولا تمنحهم البساطة والتلقائية !


قبل سنوات كان في منطقة عسير العديد من المجالس والديوانيات والمقاهي الثقافية التي تقدم وجبات ثقافية مختلفة ومتنوعة، وإن كانت محدودة، ومرتادوها قليلون، إلاّ أنها عملت على خلق ثقافة موازية لتلك التي تعمل عليها المؤسسات الثقافية الرسمية في المنطقة دون تعارض.

على سبيل المثال لا الحصر كان لدينا المقهى الثقافي في بارق، ومجلس ألمع الثقافي في رجال ألمع، وفي تنومة كانت هناك اثنينية تنومة، قبل أن تلتهمها اللجنة الثقافية التابعة لنادي أبها الأدبي، لتقلّل من نشاطها، وتغيّب دورها في المحيط الذي نشأت فيه، والأمر كذلك بالنسبة لمقهى بارق الثقافي الذي اندمج فيما بعد مع لجنة بارق الثقافية التابعة لنادي أبها الأدبي قبل أن ينسحب المشرفون عليها بشكل جماعي من اللجنة ومن المشهد الثقافي بشكل كامل !

في رجال ألمع توقف نشاط مجلس ألمع الثقافي، لأسباب كثيرة ليس المكان ولا الوقت مناسبين لذكرها بالتفصيل هنا ولا الظروف التي أحاطت بالمجلس منذ ولادته وحتى كتابة شهادة وفاته، لكن ما أنا متأكد منه أنّ اللجنة الثقافية التابعة لنادي أبها الأدبي في المحافظة لم تسد الفراغ الأدبي والثقافي الذي تركه توقف مجلس ألمع الثقافي؛ فغدت هذه اللجنة مغلقة لا يرتادها في أغلب الفعاليات إلاّ المشرفون عليها ومن جاء فازعاً للأصدقاء والأصحاب، مثلها مثل الديوانيات المغلقة التي كانت منتشرة في المنطقة بشكل كبير، ولكن دون أثر ثقافي يذكر !

في أبها توقف نشاط اثنينية أبو ملحة التي كان الحضور فيها متاحاً لمن كان مهتماً أو راغباً في الحضور، فيما بقي حضور ثلوثية النُّصب التي تم افتتاحها قبل شهور عدة محصوراً على دعوات خاصة وضيوف منتخبين !

اليوم ومع هذا الانفجار المعرفي الكبير، أليس من حقنا أن نتساءل عن هذه الثقافة النخبوية التي يتمّ تأصيلها، وإعادة بعثها من خلال هذه الصوالين الخاصة التي توصف بأنها مغلقة، وهل يمكن أن تصنع حراكاً ثقافياً كما يقال، أم أنها تؤسس لشللية ثقافية جديدة، ولعزلة فعلية في مشهد ثقافي يراد له أن يكون منفتحاً ومختلفاً في الوقت ذاته ؟! ‏