-A +A
أنمار مطاوع
دائرة (المدرسة.. المنزل) تطوف حولها الكثير من المناقشات والحوارات والجدليات القديمة.. المتجددة؛ لتجيب على تساؤل: من منهما يتحمل المسؤولية الأكبر في تربية الأجيال الجديدة؟ تتلخص الإجابات -بشكل عام ومحايد- في أن المسؤوليات تتوزع بدرجات متفاوتة ومتغيرة.

الطالب يقضي في المدرسة معظم ساعات نهاره ليتهيأ للتعامل مع متطلبات الحياة العملية.. إضافة إلى تعلّم: طُرق التعبير عن الرأي وتقبّل وجهات النظر المختلفة والآراء الأخرى، والرياضة، والأنشطة اللا صفية.. وكل ما يحتاجه من مهارات تساعده على وضع قدمه في طريق مسيرة الحياة العملية، ولكن هذا لا يعني أن المدرسة تتحمل مسؤولية بناء (الفرد الصالح) كاملة.


الطلاب يقضون بقية يومهم وكل إجازاتهم، سواء إجازة نهاية الأسبوع أو نهاية العام أو الإجازات البينية، مع أولياء أمورهم.. يعلمونهم التواصل الأسري والعادات والتقاليد الاجتماعية والأخلاق الفاضلة من خلال التوجيه المباشر أو من خلال الأفعال. ومن هنا تُجادل بعض الآراء التربوية أن للمنزل التأثير الأكبر على سلوكيات الطالب، وأن تعليم القيم والأخلاق والفضيلة.. مرتبط مباشرة بالمنزل. ربما في أزمنة مضت، كان يُلقى على كاهل المعلم كل هذه الأدوار. فكان المعلم يتجاوز دور التعليم ويدخل في دور التربية.. وقد يطغى الدور الثاني على الأول؛ نظرا لظروف الحال.. ولكن ليس في هذا الزمن.

الأصدقاء -من نفس المنطقة أو نفس العائلة أو أصدقاء المدرسة- لهم أيضا تأثير على بعضهم البعض؛ خصوصا فترة المراهقة. وهذا عنصر جديد يضاف للدائرة.

الكثير من الشكاوى التي توجه للمدرسة وقائدها ومعلميها حول (سلوكيات الطلاب) هي شكاوى تفتقد لمفهوم تكامل المسؤولية. فهي تلقي باللوم على المدرسة في كافة سلوكيات الطلاب والطالبات.. وتحمّلها كامل مسؤولية تعليم: القيم والفضيلة والأخلاق الحسنة. وفي هذه الحالة، يبدو واضحا تخلي أطراف أخرى عن مسؤولياتها على حساب المدرسة.

وسائل الإعلام -في أوقات متقاربة- تنشر أخبارا عن سلوكيات طلابية لا تنتمي لمنظومة التربية السليمة داخل المدارس، وربما خارجها. وللأسف يتم تحميل مسؤولية تلك السلوكيات للمدرسة وقائدها ومعلميها. ولا تزال في الأذهان قصة قرار إعفاء قائد مدرسة بعد نشر أخبار عن الطلاب الذين مزقوا الكتب (بالقرب من المدرسة). خلط واضح حتى من وزارة التعليم ذاتها في فهم وتوزيع المسؤولية الأخلاقية.

* كاتب سعودي

anmar20@yahoo.com