-A +A
ماجد قاروب
إن افتتاح مؤتمر التحكيم بوزراء العدل والتجارة والمالية ومؤسسة النقد أمر بالتأكيد يوضح أهمية التحكيم التجاري.

ولكن علينا أن نعلم أن وزراء المالية والتجارة يهمهم التحكيم التجاري كممارسة تضيف إلى إيجابيات المناخ الاستثماري للدولة وبالتالي فهم أولاً وقبل كل شيء يخاطبون المستثمر الأجنبي في المقام الأول لإقناعه وطمأنته على معالجة قضاياه بعيداً عن القضاء الوطني، ولذلك فإن التحكيم كبديل للقضاء قد يعني المستثمر الدولي الذي يضع أمواله خارج وطنه ويدفع مقابل حمايتها وخدمتها بتحمل رسوم التحكيم وأتعاب المحكمين والمحامين.


ورغم تعدد أنواع التحكيم من هندسي ومالي وعقاري، والأول موجود لدينا بهيئة المهندسين، والأخير افتتحه مؤخراً وزيرا العدل والإسكان لحل مشكلات العقار والعقاريين، فإن الواقع يقول إن معظم من لديهم شرط التحكيم لا يعلمون ماهيته وخاصة الشركاء في الشركات، وكل من أسس شركة في حقبة كانت وزارة التجارة تفرض شرط التحكيم لإجازة العقود.

ولكن مع جهود وزارة التجارة المشكورة حالياً من خلال إدارة الالتزام والحوكمة والتشديد والرقابة على إدارات الشركات ومخالفتها الكثيرة والتي تُسبب عقوبات على الشركة والشركاء، ومع زيادة الوعي القانوني وبلوغ الشركات مرحلة الجيل الثاني، فقد أصبح موضوع محاسبة إدارة الشركة والشركاء وقراراتهم أمرا طبيعيا خاصة في حالة الإرث والتركات والذي قد يصطدم بأن شرط التحكيم سيكلفهم مصاريف ورسوم تحكيم تصل لملايين ريالات لا يملكونها وبالتالي تزداد أمورهم تعقيداً وقد يؤدي إلى هدر حقوقهم بالتغاضي أو التنازل.

إنني على يقين أن معظم عناصر نجاح التحكيم غير متوفرة لدينا كثقافة حيث يعتقد بعض رجال الأعمال أنهم يشترون الحكم القضائي من خلال التحكيم طالما أنه يدفع أتعابا للمحامي والمحكم والرئيس مع الرسوم والمصاريف، بل اعتاد البعض على ربط الأتعاب بالحكم، وهذه الثقافة السلبية يجب تجاوزها.

وأرى أن التوسع في افتتاح مراكز التحكيم لن يُمكن مركز التحكيم التجاري السعودي من فرض قائمة المحكمين الأكثر مهنية واحترافية وفرض المبادئ والقيم الضرورية واللازمة لضمان حياد وسلامة ونزاهة العملية التحكيمية، ولا أعتقد بأن المهندسين والعقاريين قادرون أو مؤهلون للقيام بالعمل القضائي، ففرق كبير بين الرغبة في التأهيل والتدريب وبين القدرة عليهما المصحوبة بالخبرة القانونية المتوفرة فقط في قلة من الزملاء المحامين.

كما أن أتعاب التحكيم مع مصاريفه قد تقف حائلا كبيرا يمنع اللجوء إليه، ولذلك تجدر الإشارة إلى لجان الصلح والتوفيق وبرامج الوساطة كوسائل بديلة لحل المنازعات يمكن أن تحل محل شرط التحكيم الذي يمكن أن يكون متاحا للمشاريع المليارية وللمستثمر الأجنبي فقط.

ولعلي أحذر رجال الأعمال والشركاء بالشركات والمؤسسات وخاصة سيدات الأعمال من تضمين اتفاقياتهم وعقودهم شرط التحكيم لحل النزاعات دون روية وتبصر ودون ضرورة ملجئة.

* كاتب سعودي

majedgaroub@