-A +A
طارق فدعق
هذا المقال عن أحدث طائرة في أسطول الخطوط الجوية العربية السعودية، وهي من طراز بوينج 10-787. وأهمية الاسم هنا هي في الرقم «10». هذه الطائرة التجارية العملاقة تتميز بتقنياتها المتقدمة جداً، وتشارك أختيها البوينج 9-787 و8-787 في العديد من الخصائص، وهي أكبرهن حجما: طولها يفوق أكبر أخواتها بما يعادل طول سيارة «لاندكروزر» تقريباً. وبدنها أعرض من أخواتها بما يعادل عرض الصفحة التي تقرأها بين يديك الآن. وأما باقي المقاسات من باع الجناحين، والارتفاع فلا توجد فوارق كبيرة. ويترجم طولها الإضافي إلى قدراتها في حمل حوالى 40 راكباً إضافياً. وهذه ميزة كبيرة في اقتصاديات تشغيلها لأن الحمولة تترجم كإضافة اقتصادية مميزة وخاصة لو تم احتسابها على المدى الطويل. وللعلم فعدد الركاب الذين تستوعبهم ممكن أن يفوق 400 راكب، ويكاد أن يصل الى ما كانت تستوعبه طائرات البوينج 747 الجامبو القديمة. ومن مميزاتها أيضاً «نفسها الطويل» فبمشيئة الله، تستطيع الطيران من جدة إلى نيويورك دون توقف. والمستخدم الأكبر لهذا الطراز عالمياً هو الخطوط السنغافورية، وأما في منطقة الشرق الأوسط فطيران «الاتحاد» له حصة الأسد.

وبعض من أهم مميزات هذه الطائرة لا تظهر بسهولة، فالبوينج 787 ليست الأكبر حجماً في عالم الطيران التجاري، وليست الأسرع، ولكنها الأحدث من ناحية التقنيات التي تهدف إلى توفير مستويات أعلى من السلامة، والاقتصاد، والراحة. كانت من أوائل الطائرات التي تميزت بالمكونات الإنشائية الجديدة، فبدلاً من الاعتماد على الألمونيوم في تصنيع الهيكل والأجنحة، تم استخدام المكونات الكربونية الأخف وزناً، والأقوى في معظم أجزاء الطائرة. يتم «طبخ» هذه الأجزاء الكربونية العملاقة في أفران خاصة في إيطاليا واليابان، ثم نقلها جواً إلى الولايات المتحدة للتركيب في مصانع شركة «بوينج». وبمشيئة الله، يسمح استخدام هذه المواد القوية التوفير في استهلاك الوقود، كما يسمح بالمزيد من الضغط الهوائي بداخل مقصورة الركاب، وبتصميم نوافذ أكبر، مما يحقق مستوى أعلى من الراحة للمسافرين. وبالمناسبة، فلجميع الركاب ستكون حاستا الشم والتذوق أفضل بداخل مقصورة هذه الطائرة بسبب الضغط الأعلى. كما أن مستوى جفاف الهواء المنخفض نسبة إلى الطائرات الأخرى يزيد من مستوى الراحة، وخصوصاً خلال الرحلات الطويلة جداً.


ومن الطرائف في عائلة طائرة البوينج 787 (أم 8 وأم 9 وأم 10) يعني جميع «الأمهات» ستجد أن أحد العوامل المشتركة هي موضوع الاستغناء عن «السباكة». وللإيضاح، فجميع الطائرات التقليدية تعتمد على ضغط بعض الهواء الخارج من المحركات لتشغيل العديد من الأنظمة الأساسية. وعلى سبيل المثال نجد تكييف مقصورة الركاب، ومقاومة تكوين الثلج على الأجنحة، واستخدام الفرامل، وتحريك بعض أجزاء الأجنحة الأساسية للتحكم في الطيران. ويجرى ذلك في أنابيب كثيرة جداً تمتد بداخل بدن الطائرة، وهي أشبه بنظام سباكة معقد جداً. وقد استغنت البوينج الجديدة عن معظم منظومة السباكة، واستخدمت أنظمة كهربائية متطورة جداً كبديل، ولذا فيطلق على الجيل الجديد من هذه الطائرات اسم «الكهربائية».

أمنيــــــة:

البوينج 10-787 الجديدة إضافة موفقة بمشيئة الله تعالى للخطوط السعودية، وللخدمة الجوية في بلادنا لأنها ستحمل المزيد من الركاب بسلامة، وراحة، واقتصاد، والأهم من ذلك أنها ستحمل اسم الوطن بفخر. أتمنى أن تساهم في تحقيق المزيد من الجودة لخدمة المسافرين، وإنهاء ندرة المقاعد، بالذات خلال المواسم بتوفيق الله،

وهو من وراء القصد.

* كاتب سعودي