-A +A
حسين شبكشي
انتشرت بشكل واسع وعريض صورة طلبة أحد الفصول الابتدائية بمدارس الثغر النموذجية بمدينة جدة منذ عقود طويلة مضت مرفقة مع تغريدة وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبدالله الفرحان، وهو يبشر المتابعين بتعاقد وزارته مع وزارة التعليم لتقديم الموسيقى والمسرح ضمن المنهج الدراسي، مذكرا متابعيه عن هذه الصورة أن هذا كان أمرا موجودا وطبيعيا ومقبولا في المدارس السعودية. ثم وضحت الوسائل الإعلامية بعضا من التفاصيل الخاصة بهذه الصورة، ولعل أحد أهم هذه التفاصيل كان تسليط الضوء على مدير مدرسة الثغر النموذجية الأسبق التربوي التعليمي الفذ محمد فدا، صاحب الفضل في إدخال الموسيقى للمدارس وذلك قبل ستين عاما. وهنا أتوقف قليلا وأكمل حروفي باعتباري شاهدا على هذا العصر الجميل، فلقد كنت طالبا في هذه الفترة (مرحلة المربي الفاضل عبدالرحمن تونسي الذي جاء بعد محمد فدا) بمدارس الثغر النموذجية، وكان لي بعض الزملاء والأصدقاء من العازفين الموهوبين، وكنت أحضر دورس الموسيقى للأستاذ الكبير أحمد رمزي، والشيء المدهش أن أولياء الأمور والإدارة ومعلمي مواد الدين لم يعترضوا أبدا على دروس الموسيقى والمسرح والكشافة والرياضة، ولم ينكر أحد منهم على «مهنة» معلمي الموسيقى ولا الاعتراض على مصدر ماله وتحريمه لأهله وبيته، ولم تكن تلك «المواد» تمنعنا من الصلاة وقتها ولا صيام الشهر الفضيل، بل إنها ساهمت في تحسين الذائقة وترقية النفوس وفتح الآفاق، بل إنه تطرق معنا إلى المقامات الموسيقية الشرقية، واستخدام كبار قراء القرآن الكريم لها في الترتيل والتجويد والأذان، مقامات مثل نهاوند وحجاز وعجم وصبا وسيكا وغيرها.

من المهم جدا إعادة التركيز على الفترة الماضية قبل خطفها من قبل المنهج المتشدد، الذي طغى على كل أوجه الحياة، فتح ملفات التحريم العشوائي المخالف لعموم ما أجمع عليه المسلمون مسألة باتت مهمة جدا، فالاغتيال مرفوض سواء أكان باسم المجتمع أو باسم الدين ولا شيء أسوأ من اغتيال الفرحة والأمل والتسامح. ما يحدث اليوم هو عودة للماضي وتصحيح لأخطاء ما كان يجب أن تحصل.


* كاتب سعودي

hashobokshi@gmail.com