-A +A
أنمار مطاوع
يروي أحد المديرين العاملين في قطاع عام خلال حديثه عن نوعية مديره المباشر قائلا: «.. لدينا مدير نذل.. من الآخر نذل.. على سبيل المثال: يصدر توجيهات شفوية.. ولو وجدت تلك التوجيهات تذمرا من الموظفين، تنصّل منها وتنكر لها وربما وبّخني عليها أمامهم.. هو نذل حد الإيذاء..».

(النذالة) في اللغة هي: الحقارة والوضاعة والخسّة.. وهي سلوك ذميم يُلحق الأذى بالآخرين. والنذل: هو الخسيس الذي يزدريه من حوله.. ذليل الكرامة مهين النفس أمام من هم أعلى منه رتبة.. متكبر متغطرس أمام من هم أقل منه رتبة.


يشير علم النفس إلى أن النذل يستغل بؤس الآخرين بشكل مباشر. وإن لم يكن بهم بؤس، يصنعه لهم ليستغله. هو يستمتع بالأذى وانتشار البغضاء بين من حوله.. مليء بالعقد النفسية والاضطرابات الداخلية. صاحب هذه الشخصية -والكلام ما زال لعلم النفس- يستمتع ويتلذذ بحزن الآخرين وآلامهم. (انتهى)

علم الاتصال يعتبر أن إحراج الآخرين بقصد أو دون قصد يدخل تحت باب النذالة. وفي الإدارة، إلحاق الأذى بالموظفين يعتبر نذالة، والتنصل من المسؤولية وإلقاء اللوم على الآخرين يعتبر نذالة، ونشر البغضاء داخل مكان العمل.. نذالة. وعلى رأس القائمة تأتي ملاحظة استغلال الموظف لثقة رؤسائه الذين اعتبروه محترما -أو ظنوه كذلك- وأعطوه الثقة.. فخانها.

تتحدث الدراسات عن ضعف الوازع الديني والجهل بأمور الدين وعدم خوف الله كأسباب مباشرة للنذالة؛ خصوصا أنها تستخدم وسائل مشروعة وغير مشروعة، وتؤكد أن النذل في حقيقته يخطط لنذالته ويبدع فيها.. هي ليست عشوائية أو وليدة وقتها.. بل على العكس.. يتم الإعداد المسبق لها لخدمة أهداف غير نبيلة. ويرى علماء التربية أنها سلوك يدل على (.. سوء تربية ووضاعة بيئة..).

يستكمل ذلك المدير روايته: «.. نحن نعود لبيوتنا متذمرين.. متوترين.. قلقين.. نُخرج أسوأ ما فينا.. فينعكس ذلك على كل الأسرة.. على زوجاتنا وأبنائنا.. تخيّل كم أسرة يُتعسها ذلك النذل. المؤسف أن النذالة سلوك إداري لا يمكن إثباته نظاما..».

مثل هذه العينات ليست كثيرة ولله الحمد.. ورغم ذلك، توجد جهات رقابية مستحدثة يمكن العودة لها والتواصل معها للتعامل مع هذا النوع من الفساد الإداري. فالتحول الوطني وثورة الآلية الإدارية التي شهدتها قطاعات الدولة.. تجتث مثل هذه الإدارات الفاسدة من أصولها اللزجة. فقط مسألة وقت.

سعادة الراوي.. لا تقلق فنهاية هؤلاء هي سوء المُنقلب.. فالحياة لا تحب الأنذال.. وكما ذكرت سابقا: انتظر.. فقط مسألة وقت.

* كاتب سعودي

anmar20@yahoo.com