-A +A
ياسر عبدالفتاح (جدة) Okaz_online@
بعيون أكثر من مقيم أمضوا قرابة ثلاثة عقود في المدن السعودية، وشهدوا في بواكير قدومهم المعدات وآلات التنقيب الصلدة تتوغل في عمق الأرض الثرية بالنفط؛ تحول المشهد في حقبة الرؤية من البحث عن «الزيت الخام» إلى سبر أغوار الأرض بحثاً عن جذور الحضارة الإنسانية التي تعاقبت في أنحاء المملكة. وطوال العقود الماضية، ما كان لأحد ممن مروا بجبال السعودية أن يرى في الصخور الصماء غير نقوش المحبين العابرين، و«شخبطات» الهائمين. وما صمد منها أضحى نهباً للغلاة، إذ أعملوا فيها المعاول تحطيماً لما ظنوه أصناماً! وتصنف «بلومبيرغ» العلا - مثلاً - كأحد أعظم المواقع الأثرية في العالم. ولم تكن الجزيرة العربية جزيرة رملية معزولة كما في الانطباع السائد، إذ وثقتها أحافير المنقبين مهداً لبدايات الحضارات الإنسانية، وملاذاً للهجرات من كل أركان الدنيا، لمراعيها، وأنهارها، وبحيراتها. وظلت الجزيرة العربية مقصداً للهجرات. وما كان للإنسان الأفريقي في تلك الحقب الغابرة أن يسلك طريقه إلى حزام صحراوي جاف. وفي تيماء، وثَّق أحد الهواة أول نقش هيروغليفي على صخرة، يحمل توقيع رمسيس الثالث - أحد الفراعنة المصريين - ما يلمح إلى أن الهجرات الآفروعربية إلى السعودية لم تبدأ في حقبة الطفرة النفطية الحديثة. وهكذا تمضي عمليات التنقيب عن الآثار بخطى واثقة في «السعودية الجديدة»، ورؤيتها الطموحة.