-A +A
آمنة العبدالله
لم أكن أتخيل يوماً أنه سيكون للتكنولوجيا تأثير مربك على أفكارنا. أنا كامرأة ناضجة وكائن إنساني يتعطش لأن يتطور كل يوم، ويتقدم خطوة للأمام أدرك جيداً أين أذهب في عالم الإنترنت وأعرف كيف أُدير محرك البحث وأكتب ما أريد، ولكن هناك الكثير خصوصاً من الفئات الصغيرة والمراهقة التي من الموجع أن تنمو على إعلانات الفاشنيستات وقصص حياتهم اليومية!

ليس من العدل أن نترك الحرية لهم دون أن نشرح لهم ما يحدث الآن. أصبح كل شيء ساذجاً الآن فالعقل البشري الآن مُنشغل بعمل الإعجاب والتعليق. حين أشاهد أن المتابعين لأحد مشاهير السوشال ميديا بالملايين، وأبحث في محتوى هذا المشهور ولا أجد شيئاً أو سبباً واحداً يدعوني لمتابعته، أنا فعلاً أُصاب بالصدمة. تخيل أن يطلب منك طفلك ذو العشر سنوات أن يكون له حساب خاص ومفتوح ويعرِّض نفسه ربما لتلقي الإعجاب وربما للتنمر، وربما لكمية من تعليقات سلبية قد تدمر حياته وتجعله شخصاً ضعيفاً وذا نفسية غير طبيعية! وهناك البعض من يجعل من أطفاله سبباً لشهرته فقط من أجل المال، ويدمرون مستقبل أطفالهم دون أي حق، وبكل دهشة نشكو من جيل غريب! المشاهير الآن يصنعون ثروتهم بتفاهة نحن سببها ووقت ثمين نضيعه في متابعة حسابات لا يهمها سوى الربح المادي! الكثير من الصور، ومن الحديث عن الخصوصية، والكثير من المقارنات والمشاحنات وحالات الاكتئاب، هناك خلل في تركيبة الحياة خُلقت منه العقول التي لا تعمل والأفكار التافهة.


معدلات القراءة تتقلص، ومؤشر قراءة الصُحف والكُتب في انخفاض ملحوظ في حين تزايد المتابعين لسلاطين الفكر المتعفن، شيء ما ليس على ما يرام. أشعر وكأنه احتلال لأفكارنا وغزو خبيث لجعل حياتنا باهتة.

لا يكاد يخلو مجلس عن الحديث عن ما يتصدر هذه الصور وهذه الفيديوهات وعن تلك التي تزوجت، والتي تطلقت، والتي سافرت وووو الخ.. لا يجذبني أبداً هكذا حديث ولا يستهويني التعليق على حالات الآخرين، لطالما أردت الحديث عن مواضيع مختلفة ولكن التوقعات تختلف عن الواقع بكثير. وكما لكل شيء جانبان أيضاً هناك جانب جميل في هذا العالم كالحسابات التي تهتم بالصحة والمعلومات وأي شيء قد يقدم خبرة ودعماً للمتلقي، وأي فكرة قد تكون البداية للتغيير الإيجابي، تحية لتلك العقول المُفكرة التي تسعى لتمثيل الإنسان في أحسن صورة.

a-alabdullah@hotmail.com