-A +A
حمود أبو طالب
من حسن حظ اليمن أن ملف مشكلاته التي أدت إلى أزمة تأريخية تولته دولة شقيقة محبة لليمن قولاً وفعلاً، سخرت كل إمكاناتها السياسية والاقتصادية والعسكرية وعلاقاتها الدبلوماسية وتأثيرها الإقليمي والدولي لإنقاذ اليمن من مآلات في غاية السوء لو تُرك يواجه الظروف التي تكالبت عليه من الداخل والخارج وكان بإمكانها تحويله إلى دولة فاشلة تماماً تعيث فيها عصابات وتنظيمات الإرهاب، وربما ينتهي به المطاف إلى التجزئة بين كيانات جغرافية منفصلة متناحرة لا لغة بينها سوى لغة الكراهية والدم.

بإخلاص كامل ونزاهة تامة احتضنت المملكة ملف اليمن وصبرت وصابرت على كل تبعاته وخلافاته ومشقاته التي تسببت فيها أطراف كثيرة من أجل تحويل المشكلة الرئيسية المتمثلة بالاحتلال الحوثي الإيراني إلى مشكلة جانبية والدفع بمشكلات قديمة مزمنة إلى الواجهة وسط تجاذبات شديدة الحدة أدت إلى استقطابات وصدامات مسلحة بين أبناء البلد الواحد، كان بإمكانها القذف باليمن إلى المجهول، لكن الصبر والحكمة التي تحلى بها الأداء السعودي تجاه الملف اليمني أدت إلى اتفاق الرياض التأريخي الذي بإمكانه التمهيد لحل الأزمة اليمنية الرئيسية لو تم الالتزام بتنفيذه.


الذين وقعوا على الاتفاق يتحملون مسؤولية تأريخية تجاه الشعب اليمني الذي أنهكته المعاناة القاسية، عليهم أن يعرفوا أنه لم يعد هناك وقت لترف الخلافات الجانبية على حساب المشكل الأساسي. على حكومة الشرعية البدء بمشروع عاجل لتنقيتها من الأخطاء الكبيرة التي ارتكبتها سابقا، وعلى المجلس الانتقالي العمل معها بنزاهة سياسية ومنطلق وطني طالما هي ملتزمة بالاتفاق وبنود ملحقاته.

الفرص الثمينة قد لا تتكرر، واليمن محظوظ بما تم التوصل إليه برعاية المملكة، وعليكم يا ساسة اليمن من كل المشارب والتوجهات الالتفاف حول قيمة عليا وحيدة هي الوطن، وإلا فجنايتكم على اليمن ستبقى وصمة عار في تأريخكم.

*كاتب سعودي

habutalib@hotmail.com