-A +A
حمود أبو طالب
لم يكن يتصور عاقل أن تصرفات شاذة محدودة سوف تنتشر إلى الحد الذي يجعل جهة رسمية تتدخل لتقرير عقوبة جزائية تجاهها، فمن منكم بالله يتخيل أن يوماً سيأتي لتوجه فيه مؤسسة النقد السعودي مجلس الغرف السعودية بمنع تجار الزهور من استخدام المحاليل الكيميائية في تزيين باقات الزهور بالأوراق النقدية، مما يؤدي إلى إتلافها ثم مطالبة أصحابها استبدالها بأوراق أخرى، كما نشرت «عكاظ» يوم أمس. وتضمن الخبر أن مؤسسة النقد توعدت بتطبيق النظام الخاص بتزوير النقود الذي يقضي بالسجن مدة ثلاث إلى خمس سنوات وغرامة من ثلاثة إلى عشرة آلاف ريال.

مؤسسة النقد تقول إن استخدام الأوراق النقدية في باقات الزهور يؤثر على صورتها الذهنية، مما يقلل من شعور الاهتمام بها واحترامها كرمز وطني تجب المحافظة عليه، وكانت المؤسسة قد أشارت في وقت سابق إلى وجوب الامتناع عن استخدام صور العملات واستنساخها لهذا الغرض، لكنها ربما لم تتوقع أن بعض الناس تجاوزوا استخدام العملات المصورة إلى الحقيقية والتباهي بالتقاط صورها في المناسبات وعرضها في مواقع التواصل الاجتماعي.


إن هذا الاستعراض لا يؤثر على الصورة الذهنية للنقود فحسب، كما هو تفسير مؤسسة النقد، وإنما يتجاوزه إلى السفه والبطر وعدم احترام النعمة، ومعلوم أنه لا يمارس هذه الحماقات إلا حديثو النعمة الذين لا يعرفون قيمة المال والبعد الأخلاقي في استخدامه، وعندما يضاف إلى ذلك عامل الجهل ومركب النقص والحرمان السابق فإننا أمام صورة بشرية مشوهة ممسوخة تسيء إلى ذاتها وإلى مجتمعنا عندما تتباهى بأفعالها على الملأ.

هؤلاء الحمقى ليتهم يتذكرون الحرمان الذي يعانيه الكثير والفقر الذي يعشش في بيوتهم والفاقة التي تكسر ما لا يحصى من نفوس الفقراء المتعففين، ليتهم يعرفون كيف تؤذي حماقاتهم مشاعر المحتاجين والمعوزين. لقد فعلت مؤسسة النقد ما يجب تجاه هذه الشريحة من المتفاخرين بشكل غير إنساني، لكن الظاهرة يجب أن تختفي لأنها لا تليق بأي مجتمع.

* كاتب سعودي

habutalib@hotmail.com