المياه الجوفية دكت أساسات المساكن.
المياه الجوفية دكت أساسات المساكن.




المستنقعات تسببت في تآكل الطبقة الأسفلتية.
المستنقعات تسببت في تآكل الطبقة الأسفلتية.




مستنقع يصدر الروائح الكريهة وحمى الضنك في حي التيسير. (عكاظ)
مستنقع يصدر الروائح الكريهة وحمى الضنك في حي التيسير. (عكاظ)




أحمد الغامدي
أحمد الغامدي




سليمان شكوري
سليمان شكوري




شافي الغامدي
شافي الغامدي




د. صالح بخضر
د. صالح بخضر




المستنقعات تغمر شوارع الحي.
المستنقعات تغمر شوارع الحي.
عمر جميل
عمر جميل
-A +A
أحمد المقدام (جدة) okaz_online@
يعض سكان حي التيسير (شرق جدة) أصابع الندم، لإنفاقهم مئات الآلاف من أموالهم لشراء مسكن العمر، تبين لهم لاحقا، أنه في منطقة موبوءة، تعاني مشكلة مستعصية على الحل تمثلت في المياه الجوفية، التي تفجرت تحت مساكنهم، وتسببت في تآكل أساساتها، وأدت إلى إصابة الحي، الذي لا يزيد عمره على 5 سنوات، بتداعيات الشيخوخة المبكرة، فمن يتجول في أروقة التيسير الحديث يصطدم بواقعه المرير.

واضطر كثير من السكان لهجرة الشقق التي دفعوا لشرائها «تحويشة العمر» في التيسير، واستأجروا في مناطق تنعم بالحد الأدني بالإصحاح البيئي، في الأحياء الأخرى، يتحسرون على أموال اقترضوها ثم بددوها في شقق كشفت الأيام أنها «سراب»، مطالبين أمانة جدة وشركة المياه الوطنية التدخل، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه في الحي المنكوب.


وقال أحمد الغامدي: «بحثت في خزانة الأعذار عن عذر فلم أجد ما يمكن أن ألتمسه لشركة المياه الوطنية وأمانة جدة تجاه التقصير الشديد في احتياجات حي التيسير، ولم أجد في مخزن الشفاعات ما يشفع لهما حيال إشاحة النظر عن المعاناة الشديدة لسكان حي بأكمله يقطنه نحو 30 ألف نسمة، ونظرت إلى الملاءة المالية التي قد تكون سبباً في العجز عن تنفيذ المشاريع التي تعتبر الأكثر إلحاحا؛ فوجدت أن حكومتنا أدامها الله خصصت موازنة ضخمة للمشاريع التنموية، لكن للأسف هناك تقصير غير مبرر من المسؤولين». وأوضح الغامدي أنه «عندما بدأ البيع في مخطط التيسير قبل فترة من الزمن، قرع الناس طبول أحلامهم وتهافتوا للشراء ظناً منهم بأن ذلك سيكون المكان المثالي لبناء وحداتهم السكنية، فطفقوا يتسابقون على إنجاز تلك الأحلام»، مستدركا بالقول: «لكنهم لم يكونوا يتوقعون أن الإهمال سيضرب أطنابه في كل شبر من هذا الحي الحديث».

وأضاف: «وبمجرد توافد السكان إلى الحي سواء المالكين منهم أو المستأجرين عندها بدأت أحلامهم في التراجع، وحياتهم في السوء، وصحتهم في التدهور، بعد اكتشافهم تشبع أرض الحي بالمياه الجوفية وقابلته مياه الصرف، فتفجرت من تحتهم وجرت أنهار المياه الملوثة سالكة كل الاتجاهات، مما نتج عن ذلك تهديد واضح لأساسات المباني لتتآكل مع مرور الأيام، كما اختلطت مياه الشرب مع مياه الصرف في خزانات المياه، وهذا يشكل خطراً لكل قاطني الحي، فضلا عن تشكل بحيرات آسنة أصبحت بيئة حاضنة للبعوض والحشرات الأخرى»، لافتا إلى أن تلك البحيرات تسببت في تآكل الطبقات الأسفلتية، وانتشرت الحفريات التي غدت أفخاخا تتربص بالمركبات.

وأكد سليمان شكوري أن مطالبهم المتكررة لأمانة جدة وشركة المياه الوطنية للالتفات إلى معاناة حي التيسير لم تجد نفعا، مشبها تلك المطالب كالحرث في البحر لا يرى له أثر، ما دفعهم للتقدم بشكاوى إلى إمارة منطقة مكة المكرمة والمحافظة وهيئة الرقابة والتحقيق.

وأشار شكوري إلى أنهم يعولون كثيرا في أن تتحرك تلك الجهات المختصة وتساعدهم في إيجاد الحلول لمشكلتهم في حي التيسير، معربا عن مخاوفه من انتشار المستنقعات التي تصدر لهم الروائح الكريهة والحشرات، إضافة إلى الأوبئة.

وقال: «يبدو أن أمانة جدة أو بلديتها الفرعية قد سمعت بالعبارة القائلة: إذا أردت القضاء على البعوض فقم بتجفيف المستنقعات، ولكن هذا الحل كان قبل عصر التقنية، وقبل الميزانيات التريليونية، والهدف من التجفيف في عصرنا الحديث هو بإنشاء الشبكات وليس بالحلول البدائية التي تحبس الماء تحت الأرض ليتحول ضرره بالكامل على أساسات المباني فتقع على رؤوس سكانها ذات يوم، إذ إن ما يتم عمله الآن هو تغطية المستنقع الذي تغذيه أنهار الصرف المتدفقة وكأننا ندفن الجمر تحت الرماد». ورأى الدكتور صالح بخضر أن الحل للمشكلة المزمنة في حي التيسير تنفيذ وبشكل عاجل واستثنائي لشبكة صرف صحي، أو على أقل تقدير عمل شبكة خفض منسوب، لافتا إلى أن مياه الصرف أصبحت تحيط بعمائر الحي وبمساجده لدرجة أن البعض لا يستطيع الوصول إليها لأداء الصلاة.

وأرجع بخضر المشكلة إلى أن البلدية الفرعية سمحت لملاك العمائر بإدخال الكهرباء رغم وجود مخالفات صريحة من ضمنها عدم وجود عزل خارجي وداخلي لخزانات الصرف، مشددا على ضرورة تنفيذ مشروع للتصريف بشكل عاجل جدا.

وبين شافي الغامدي أن سكان حي التيسير وقعوا حائرين بين الأمانة وشركة المياه الوطنية، لافتا إلى أن الأولى ترد بأنها متخصصة في المياه السطحية، بينما الجوفية من مهمات شركة المياه، مبينا أنه حين يظهر مستنقع في الحي، تتنصل كل جهة عن المسؤولية وتلقي بها على الأخرى.

ورأى أن ما فاقم الوضع عدم قدراتهم على التمييز بين الجوفية والسطحية، ما أدخلهم في حيرة أثناء تقديم البلاغات. وشدد عمر أبكر جميل على ضرورة أن تلتفت أمانة جدة لحيهم وتسعى للتنسيق مع شركة المياه لمعالجة المشكلة المزمنة التي يعانون منها، منتقدا أمانة جدة لإصدارها تصاريح بناء في مخططات دون أن تكتمل المشاريع الخدمية فيها.

وأكد جميل أن كثيرا من السكان تركوا شققهم التي تملكوها في التيسير، واستأجروا في أحياء تنعم بالحد الأدنى من الإصحاح البيئي، بعد أن أصبح التيسير منطقة موبوءة بفعل انتشار المستنقعات التي صدرت لهم كثيرا من الأوبئة وفي مقدمتها حمى الضنك.

التيسير يتصدر الأحياء المشمولة بشفط «الجوفية»

أكدت أمانة جدة لـ«عكاظ» أنها تكثف من أعمال سحب المياه الجوفية والمتسربة في جميع أحياء جدة، مبينة أن التيسير من أكثر الأحياء التي تحظى بالاهتمام وشفطت منه كميات هائلة.

وأوضحت أنها سحبت من التيسير أكثر من 89257 مترا مكعبا من المياه الجوفية والمتسربة خلال الفترة من أول يناير 2019 وحتى 16 أكتوبر 2019، مشيرة إلى أن أعمال الرش تتم وفق الخطة التشغيلية بواقع مرتين في الأسبوع.

وأعلنت الأمانة ممثلة في وكالة برنامج تصريف مياه الأمطار أنها طرحت مشروع تصريف مياه الأمطار وتخفيض المياه الجوفية لحي التيسير، وجرى ترسيته على إحدى الشركات المتخصصة، وجار توقيع العقد.