-A +A
سلطان الزايدي
ترتبط القوة بعوامل مهمة، ترسخ مفهومها لدى المجتمعات في كافة المجالات، وهي جزءٌ مهمٌّ جدًّا لإدارة العمل المراد تنفيذه، فهي تتحكم في مقدرة الشخص أو الأشخاص أو المنظومة؛ لإنجاز العمل بالطريقة السليمة والمثمرة، وليس من المنطق أن نختزل القوة في الاقتتال والحروب، فالقوة قد تحضر في صورٍ كثيرةٍ ومتنوعة، حسب متطلبات العمل المراد تنفيذه.

ففي المنافسات الرياضية لن تحضر الانتصارات إلا حين تكون قويًّا رياضيًّا، مسيطرًا على كل أدواتك الخاصة بهذه المنافسة، ولا يمكن أن تنتظر من فريقٍ أو لاعبٍ في لعبةٍ فرديةٍ أن يحقق إنجازًا وهو ضعيف، أو أن أدواته المطلوبة غير مكتملة، وينتظر الحظ أو الظروف أن تلعب لمصلحته، قد يحدث هذا الأمر مرةً لسببٍ ما، لكن من المستحيل أن يحدث في كل مرة، وهذه حقيقةٌ يشهدها الرياضيون ويعرفونها جيدًا.


إن كرة القدم من الرياضات الجماعية التنافسية المرتبطة بالقوة، والفريق القوي لن ينتظر الحظ طويلًا حتى يصنع له إنجازًا، ولن يفكر في الظروف التي تخضع لاحتمالاتٍ مرتبطةٍ بالطرف الآخر، فعلى سبيل المثال لا الحصر: مباراة الهلال في ذهاب نصف النهائي الآسيوي أمام السد القطري، الكل متفقٌ على أن الظروف خدمت الهلال بطرد الظهير الأيسر للفريق السداوي بعد اعتدائه على الحكم بطريقةٍ غريبة، والذي استفاد منه الهلال وخرج بنتيجةٍ جعلته يتأهل بنسبةٍ كبيرة، رغم أنه كاد أن يخسر الإياب في الرياض حتى الثواني الأخيرة.

إذًا فالقوة لأي فريق كرة قدمٍ يطمح للمنافسة مطلوبة، وربما هي العنصر الأساسي لنجاح أي فريقٍ وتحقيق الإنجازات، لكن كيف تحضر القوة، وما هي متطلباتها؟ هنا تختلف معطياتها من فريق لآخر، وحسب سياسة كل فريق وطريقة عمل إدارته، لكن النقاط الأساسية لتحقيق القوة تكمن في القدرة المالية المناسبة التي يستطيع من خلالها أي نادٍ اختيار الجهاز الفني الجيد، وإحضار لاعبين على أعلى مستوى بمقدورهم تحقيق الانتصارات.

هذه المتطلبات أصبحت موجودةً الآن في أكثر من فريقٍ من فرق الدوري السعودي للمحترفين، بعد أن وفَّرت الدولة المبالغ المالية الكبيرة لكل نادٍ، وأصبحنا نشاهد أنديةً كبيرةً تتعطل بسبب أنديةٍ أقل؛ لأن الفوارق الفنية بين الفرق لم تعد كبيرة، فالوحدة اليوم استطاع أن يهزم الاتحاد والأهلي، وكذلك الفيصلي يستطيع أن يحرج النصر والهلال، والحزم استطاع أن يهزم النصر على أرضه وبين جماهيره؛ لذا ومن هذا المنطلق نستطيع أن نؤكد أن الدوري القوي مرتبطٌ بقوة المتنافسين؛ لهذا فإن ديربي النصر والهلال غدًا في الجولة الثامنة سيكون قويًا كالعادة، ربما أقل قوة من الموسم الماضي، لكن بالمجمل ستكون مباراةً قويةً وصعبةً على الفريقين، قد يكون الهلال منتشيًا بتأهله لنهائي كأس آسيا، رغم سوء الأداء الذي ظهر عليه في مباراة الإياب أمام السد القطري، لكن في «الديربي» سيكون الوضع مختلفًا، وأكثر قوة، والنصر أيضًا سيحضر في اللقاء، وهو يفكر في النقاط الثلاث؛ لأن هذه المباراة تشكل منعطفًا مهمًّا نحو المحافظة على اللقب، وكما يعتقد نجومه بأن هذه المباراة هي فرصةٌ لإعادة حالة الاستقرار للفريق، والمحافظة على دعم الجمهور ومساندتهم فيما تبقى من الدوري.

إن قوة الفريقين من كل النواحي تجعلنا ننتظر متعةً كرويةً عاليةً المستوى، هذا ما يفرضه منطق القوة.

دمتم بخير.